منذ ما يقارب ال 7 شهور وماتزال خدمة المياه في مدينة ذمار تترنح تحت سوط الاختلالات الإدارية والفنية التي لم يسبق لها مثيل وأصبح لسان حال المدينة الغنية بالمياه العذبة ربما لعين حسود أصابتها في حين غفلة كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول. ومن يتمعن في أوضاع المؤسسة المحلية يمكن أن يدرك أن دعائم ومقومات استمرار المشروع المائي الذي كان للأهالي فضل إنشائه تتداعى يوماً بعد آخر وستصل حتماً إلى مرحلة الانهيار الشامل إذا ظل التخاذل والتساهل هما سيد الموقف. وهذا للأسف ما هو حاصل بالفعل نتيجة انعدام الرؤية الواضحة والتخطيط الممنهج لمعالجة الوضع المتهالك وبالذات إذا علمنا أن التركيز حالياً ينصب على عمليات تحصيل المصروف الشهري وتغذية حي ديوان عام المحافظة وحارات الوكلاء المساعدين بالمياه احترازاً من مكر قرارات الإطاحة أو التوقيف والمساءلة أما بقية الأحياء الغربية والجنوبية والوسطى فما عليهم سوى الإكثار من صلاة الاستسقاء والدعاء وتعمير المجالس بالبخور وقراءة الفاتحة عسى أن تجود لهم السماء بما يذهب عنهم بعض العطش لكن من أصاب جنباً فعليه الأخذ بالأسباب والتيمم بالصعيد الطيب وما أكثر التراب في تلك النواحي لقد بلغ اليأس بالمواطن مبلغه واستقر في وجدانه إن وعود المسئولين المتلاحقة بإصلاح الاختلالات التي تراكمت مع الوقت وسامقت الجبال طولاً مجرد سراب ولم تتمخض حتى عن ولادة فأر واحد..! إلى ما قبل 7 أشهر كانت إمدادات المياه المؤمنة للمنازل تغطي نسبة 54 % من سكان عاصمة المحافظة وفجأة تقلصت الخدمة بشكل مريع لتهبط إلى ما دون ال 40 % وكلما أراد المرء التعرف على مواطن الاخفاق المؤدية لهذا التسيب تنازعته الأسباب الهلامية التي لا تكاد تبين عن شيء فتارة تلقى اللائمة على عدم توفير مادة الديزل فالرصيد البنكي لا يكفي وتارة أخرى يجعلون الاعتداء على خطوط الكهرباء في مأرب وسيلة لتبرير انقطاع المياه عن المنازل وذريعة ثالثة ترجع انحسار الخدمة إلى عمل تخريبي محدود حدث قبل حوالي السنة على آبار الضخ شرق مدينة ذمار وحجة رابعة تتموضع خلف تلال المديونية لدى كبار المستهلكين والعجز الدائم في تحصيلها إلى غير ذلك من قائمة الأعذار التي لا نكاد نمسك لها بطرف. والعجب العجاب أن كبار المستهلكين المتخلفين عن التسديد تظل بيوتهم وعقاراتهم عامرة بالمياه فيما ضعفاء المستهلكين الملتزمين بالتسديد يعانون الأمرين من انقطاع المياه لمدد وفترات متفاوتة الطول والعرض ولا تعود إلا آخر الليل في شكل قطرات هزيلة ولفترة قصيرة. المشكلة أن تراجع تأمين الخدمة تزامن مع افتتاح وتدشين العمل في مشروع مائي وصف بالعملاق وبلغت كلفته الإجمالية أكثر من مليار وسبعمائة مليون ريال حيث لم يلمس المواطن أي أثر لمردود هذا المشروع الاستراتيجي الذي أنجز بهدف تغطية الأحياء الجديدة مئات الملايين أهدرت في هذا المشروع ولم نر من ثمارها شيئاً يذكر. في الضفة الأخرى وبينما يطوف المواطنون الشوارع بمعية أولادهم حاملين “دبات بلاستيكية” بحثاً عن الماء في جامع أو سبيل خصوصاً بعد الفجر وعند اقتراب قرص الشمس من المغيب نجد مئات الوايتات والشاحنات الكبيرة تنهب الحوض المائي لذمار سواء في منطقة سامة أو من تلك الآبار الخاصة المبعثرة في غرب المدينة والتي تباع بصورة يومية لمزارعي القات في محافظة البيضاء وبسعر التراب. وعن هذا الأمر الكارثي يقول عبدالحكيم السفياني مدير عام الموارد المائية: أن خشية الأجهزة الأمنية من مواجهة نفر من المسلحين القبليين وتخاذل قيادة السلطة المحلية عن اتخاذ إجراءات رادعة عاملان خطيران أفضيا إلى استباحة المخزون المائي لمدينة ذمار الذي تراكم عبر آلاف السنين وتؤكد البحوث والدراسات العلمية التي أجريت على الحوض أن السحب الجائر والنهب العشوائي والمنظم سيقودان ذمار لا محالة بعد سنوات لا تتجاوز أصابع اليد إلى شفير “مدينة بلا ماء”. عندها لن ينفع ضرب الأخماس في الأسداس أو عض أصابع الندم والبكاء على الأطلال. وفي الورشة التي نظمها البرنامج الوطني للري الأربعاء الماضي أشارت الإحصاءات إلى أن حوض ذمار المائي مغروز في ظهره 5179 خنجراً ..عفواً أقصد بئراً 94 % منها تستخدم في ري شجرة القات فيما 5 % للشرب و1 % لأشياء أخرى فيا للعار نفتح الباب على مصراعيه كي تتدفق المياه على مزارع القات فيما نسكت على العقبات المصطنعة التي تحرم ثلث ال5 % من شربة ماء هنيئة. لقد هزلت ورب الكعبة..!! رابط المقال على الفيس بوك