كأنه لم يعد ينقصنا سوى سيول الأمطار الغزيرة التي حاصرت أحياء واسعة من مدينة ذمار التي تحولت معها البيوت إلى منازل عائمة وسط بحيرات عملاقة، حتى تتزايد حيرة الناس وتتشعب التساؤلات عن الأسباب الكامنة وراء الركود الإداري الذي أصاب مفاصل السلطة المحلية تجاه كثير من القضايا العامة في المحافظة فبالإضافة إلى التعاطي الفاتر مع كارثة السيول التي اقتصرت على الزيارات الميدانية الخاطفة للمسئولين، وتبرع مؤسسة المياه بالغرافة والشيول لفتح منافذ عشوائية لتصريف السيول وكان من أعراضها الجانبية شق الخطوط الإسفلتية بصورة جنونية أربكت حركة السير المروري، إلى جانب تجميد وزارة التجارة والصناعة لمكتبها في المحافظة منذ ما يقرب من العام نظراً للخلاف العميق الذي ما يزال عالقاً بينها وقيادة السلطة المحلية حول تسمية شخص المدير العام، وما نجم عنه من رفع الغطاء الرقابي على فئة الجزارين الذين استغلوا الفرصة ورفعوا أسعار اللحمة إلى أعلى مستوى لها خصوصاً في شهر رمضان، ولولا ضيق يد المستهلك الكريم لما استقرت الأسعار عند 2500 أو 3000 ريال للكيلو الواحد. ناهيك عن إباحة حوض ذمار المائي لأكثر من 50 شاحنة كبيرة تعمل على نهب المياه بشكل يومي والاتجار بها في سقي مزارع القات المترامية الأطراف في محافظة البيضاء المجاورة وتتصاعد وتيرة تبديد الثروة المائية للمحافظة في ظل غياب المبادرات العملية لمجابهة هذا الاستنزاف الجائر الذي يوشك حسب دراسة علمية حديثة أن يحول سكان ذمار بعد عشرين عاماً من الآن إلى مجاميع من البدو الرحل يهجرون هذه البقعة من الأرض بحثاً عن مصادر مياه للشرب وليس لرعي الأغنام. وما يحز في النفس أكثر ونحن نتناول هذه المشاهد التراجيدية أن تتحول منطقة بيت الكوماني إلى أماكن لإغارة اللصوص على المسافرين وسلبهم أشياءهم الثمينة في نقاط يتم استزراعها بين الحين والآخر على خط صنعاءتعز الاستراتيجي، ومن المعروف أن تراخي القبضة الأمنية هو ما عزز فرص نفوذ هذه العصابة المأفونة التي دمغت بالوجهاء والمشائخ في المنطقة إلى إهدار دماء هؤلاء اللصوص. صحيح أن المعالجة المؤقتة لتراكم القمامة في مئات النقاط المنتشرة في شوارع وأزقة مدينة ذمار نتيجة إضراب العمل منذ عدة أشهر قد لقيت استحساناً وارتياحاً كبيراً بعد الاستعانة بالسواعد الأمريكية المتسللة المبثوثة على الأرصفة، وعلى مداخل ومخارج الأسواق، إلا أن هذا العمل العظيم لا يشفع أبداً لتخاذل السلطة المحلية في معالجة أزمة المياه الطاحنة التي تشكو فيها الأحياء الغربية والجنوبية والتي فرغ كل منزل هناك من شربة ماء هنيئة، وجعلت من الأطفال والنساء جنوداً مجندة لجلب المياه من آبار المساجد فيما القادرون منهم يشترون وايتات بثمن باهظ لسد احتياجاتهم من المياه، وهو مالم تألفه هذه المدينة المتخمة بالآبار السطحية السخية. رابط المقال على الفيس بوك