خلال سنوات حكمه التي امتدت لعقدين من الزمن رفع الرئيس الصومالي الأسبق “سياد بري” شعارات متناقضة، فمن الاشتراكية العلمية إلى النزعة القومية المفرطة، وحتى التجريب البراغماتي غير المدروس.. تلك كانت الملامح العامة لحكمه، وما زاد الطين بلّة أنه خاض حرباً غير مدروسة مع إثيوبيا، وذلك إثر انهيار نظام الإمبراطور هيلاسلاسي، وكان وجه الخطأ في الحسابات أن تلك الواقعة تمت في ذروة الحرب الباردة، ودقة التوازن بين الشرق والغرب، فقد كان السوفييت رافضين لمبدأ شن الحرب على إثيوبيا، غير أن سياد بري طرد الخبراء السوفييت، واعتقد أن ترسانة الصومال العسكرية الاستثنائية يمكنها أن تضمن له النجاح في مشروع استعادة “أوجادين” بوصفها جزءاً من صوماليا الكبرى ذات الأقاليم الخمسة، والُمشار لها بالعلم الصومالي ذي النجمة الخماسية. والحقيقة أن الصوماليين يقطنون فعلاً في تلك الأقاليم وهي: “أوجادين، وجيبوتي، وnfd بكينيا، بالإضافة إلى الإقليمين الجنوبي والشمالي في الجمهورية الصومالية”، لكن هذه الأقاليم الثلاثة توزعت وفق خارطة “سايكس بيكو” بوصفها أقاليم داخلية في ثلاث دول هي: اثيوبيا وكينيا وجيبوتي، كما أن “التشظية القومية” لم تشمل الصوماليين فقط، بل قومية “العفر” الموزعين في ثلاث دول هي: جيبوتي واثيوبيا واريتريا، وفي إثيوبيا ذاتها عدة قوميات أبرزها الأرومو والأمهار والصوماليين والعفر والتيغرينيا وغيرهم، وسنجد ذات الأمر في السودان واريتريا، وبالتالي.. وعطفاً على هذه الحقائق كان من الحكمة النظر إلى وحدة الهوية الصومالية ضمن رؤية سياسية تصب في مجرى المطالبة بحق تقرير المصير، بدلاً من شن الحرب في أحوال إقليمية ودولية ما كانت تسمح بذلك، والشاهد أن حرب «أوجادين» التي شنّها سياد بري كانت بمثابة بداية القشة التي قصمت ظهر البعير، فقد بدا ضعف النظام الصومالي بعد أن تدخل الاتحاد السوفيتي وكوبا بثقل لوجستي أفضى إلى انسحاب القوات الصومالية من مدينة “هرر”، وبالاستتباع من كامل إقليم أوجادين. نستعيد هذه الحكايات على أمل الاستفادة من تجارب أشقاء الجوار، وحتى نتلافى مثل هذه الأخطاء القاتلة التي قد تعود بطريقة ملهاوية ومأساوية، فهل من يتَّعظ؟. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك