الهيكلة مفردة أصبحت في الخطاب المتداول سياسياً وجماهيراً وإعلامياً، مفهوماً وموقفاً ومطلباً، فهي كمفهوم تشير إلى إعادة بناء الهياكل المعطلة بنية ووظائف، وأهمها هيكل الدولة، وهيكل الجيش، وهيكل الأجهزة الأمنية، وهي كموقف تعبر عن اتجاهات بعض أطراف الأزمة والتسوية نحو عملية الانتقال السياسي، وأولوياتها مثل اشتراط هيكلة الجيش قبل بدء الحوار الوطني، أما كمطلب، فالهيكلة موضوعة في جدول أعمال الحوار الوطني كمهمة يتوقف على إنجازها هدف الخروج من تعقيدات الأزمة الوطنية إلى متاح الانفراج الشامل والمتكامل. بهذا الشمول، تتسع مفردة الهيكلة لتحمل كل معاني ودلالات العمل السياسي والوطني في الحاضر والمستقبل غير أنها، رغم هذا الاتساع، لا تمتد في التداول السياسي والإعلامي لتشمل الأحزاب السياسية؛ إذ لا يتحدث أحد عن الحاجة إلى هيكلة الأحزاب اليمنية، والمصلحة من هيكلتها، التي هي مُعَطَّلة من جهة، مُعَطِّلة لغيرها من جهة أخرى، كما لا يشترط هيكلة الأحزاب أحد أو يطالب بها من داخل الأحزاب أو من خارجها. رغم أنها مسؤولة عن الهيكلة وتفرعاتها ومعنية بها، تخطيطا وتنفيذاً. ولأهمية الدور الحزبي في حاضر الانتقال السياسي ومستقبله فإن هيكلة الأحزاب ليست أولوية فقط، بل هي - حسب رأيي على الأقل - حاجة سياسية وضرورة وطنية؛ لأنها أداة صياغة الفعل السياسي، وماكينة إنتاجه نظرياً، وتنفيذ مهامه وإنجاز أهدافه عملياً، ولأنها في الأساس كانت مكوناً رئيساً من مكونات الهياكل المُعَطَّلة في الدولة ومؤسساتها، وأحد أدوات التعطيل المتراكم في تلك الهياكل على الصعيدين: الرسمي والشعبي. ولعل مهام هيكلة الأحزاب، أيسر من مهام الهيكلة في غيرها؛ لأنها هيكلة ذاتية، تنفذها الأحزاب لتعيد بناء نفسها وتجديد منظومتها الهيكلية، بنية ووظائف، وهي أيسر أيضاً لوضوحها من جهة، وضيق مساحة الاختلاف حولها من جهة أخرى، فهي هيكلة محددة في الفكر السياسي وخطابه، وفي الهيكل التنظيمي ووحداته البنائية ووظائفها، وهذا اليسر لا ينفي عن هيكلة الأحزاب طبيعتها الحاملة للتحديدات والأخطار والمحفوفة بالمصاعب والمعوقات. تتطلب هيكلة الأحزاب شعوراً بالحاجة إليها والمصلحة منها من قبل قياداتها وقواعدها، ثم ترجمة هذا الشعور إلى مسؤولية فردية وجماعية تنتظم حركتها في أطر تبحث في الواقع عن الخلل والمعالجات، يتخرج من هذا البحث برؤية كلية ومتكاملة للتجديد والتطوير، هذه الرؤية تتحول بالإرادة المتسلحة بالعلم والعقلانية إلى خطط وبرامج ونشاط، ومن هنا تبدأ هيكلة الأحزاب اليمنية حركتها نحو المستقبل، ولهذه البداية حديث متصل. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك