عندما هتفت جماهير الانتفاضة الشعبية عام 2011م، مطالبةً بتغيير النظام، كان مطلب التغيير يشمل النظام القائم، بكل مكوناته ووظائفه، بما فيها الأحزاب التي هي جزء من هذا النظام، من موقعها في سلطة الحكم أو المعارضة، غير أن الأحزاب اليمنية لم تستجب حتى اللحظة لهذا المطلب الذي أصبح واقعاً متحركاً في المجال السياسي قولاً وفعلاً. كانت الاستجابة المتوقعة من الأحزاب اليمنية لمطلب التغيير أولاً، ثم لحركة هذا التغيير ثانياً، ممكنة ومتاحة في عقد مؤتمر عام استثنائي، يواكب المتغيرات ويتفاعل معها بكفاءة واقتدار ، غير أن هذه الأحزاب ممثلة بقياداتها الراهنة، رأت الانتفاضة الشعبية مبرراً مقبولاً لقرارها تجميد العمل على عقد مؤتمراتها الاعتيادية، كما هو حال كل من التنظيم الوحدوي الناصري، وحزب الإصلاح. تحتاج الأحزاب اليمنية إلى مؤتمرات عامة تحقق للحزب هدفين فرضتهما حركة الاحتجاجات الشعبية، أولهما تجديد الخطاب وجدولة المهام المرحلية للحزب في الفترة الانتقالية، وثانيهما تجديد القيادة الحزبية بعد أن أفرزت الانتفاضة الشعبية دوراً ريادياً للشباب في قيادتها وإدارة حركتها، المطلبية والعملية، بيد أن هذا التجديد أثار حفيظة القيادات التي خشيت أن يطالها، فبررت بالظروف الاستثنائية قرارها تجميد العمل على انعقاد مؤتمراتها الاعتيادية ، لتكون المطالبة بمؤتمرات استثنائية ضرباً من المستحيل. تستمر القيادات الحزبية في منع حركة التغيير من الوصول إلى أطرها الحزبية، حتى بعد مضي أكثر من 16 شهراً على انخراطها في التسوية السياسية وعملية الانتقال الديمقراطي، ولولا أن أجبرت هذه الأحزاب على تخصيص نسب محددة للشباب والمرأة من قوام حصتها في مؤتمر الحوار الوطني، لكانت قد نجحت في استمرار تحجرها على الإصلاح ناهيك عن التجديد والتغيير. يبدو أن الأحزاب اليمنية، ستخوض انتخابات ما بعد المرحلة الانتقالية، بذات الوضعية التي كانت عليها قبل انتفاضة عام 2011م رغم أن كثيراً من هذه الأحزاب، يتمسك بشدة في وصف هذه الانتفاضة بالثورة، ومع ذلك فهي لا تشمل أحزابها لا من قريب ولا من بعيد، حتى في حاجة هذه الثورة لقادتها الميدانيين لتحقيق أهدافها في المجالات المتاحة لهم سياسياً من عملية التغيير والمهام الانتقالية وما بعدها، فهل ستنجو الأحزاب اليمنية من التغيير المحتم بالانتفاضة الشعبية؟ يبدو الأمر كذلك!