الحرية هي مجموعة من الحقوق التي تعطي الإنسان حق التصرف والممارسة، والعمل بموجبها.. لكنها تظل «حرية مسؤولة» أو «حرية غير مطلقة» وعليه فإن الشريعة تحجر على الإنسان الذي يتصرف ب «سفه» وتقيد «المجنون» و«القاتل» و«المخرب» و«قاطع الطريق» و«الطفل».. نعم مثل هؤلاء تقيد حرياتهم، لأنهم قد تجاوزوا حرياتهم إلى إيذاء الآخرين، ولأنهم يتصرفون بلا مسؤولية، ودون مراعاة لحقوق الآخرين، وصاروا يشكلون خطراً على استقرار الناس، وأمنهم.. وعليه نقول: إن الحريات المكفولة لكل شخص هي في حدود المسؤولية، والمساءلة، حريات مقيدة بالتصرف السليم والمستقيم، وحرية مقيدة بعدم إيذاء الآخرين، والإساءة إليهم أو الإساءة إلى أمن واستقرار المجتمع. فالحرية تنتهي حين تبدأ حرية الآخرين، وحين تبدأ حقوق الأمة والمجتمع، فالإنسان كما قلنا حرُ في التصرف بما يملك، وبإمكانه وأمواله وثرواته، لكن هذه الحرية مكفولة إذا تصرف وسخر ووجه إمكاناته وأمواله وثرواته لمصلحة الأمة والمجتمع، والإنسان حرُ في إعلان أفكاره وفلسفته في الحياة عبر كل وسائل النشر.. لكن حين تكون أفكاره وفلسفته هدامة وتؤدي إلى الفتن وإشعال الحروب والأزمات بين أبناء المجتمع وتهدد الأمن والسلام الاجتماعي، في هذه الحالة يقيد تصرفه وتحدد حريته لأنه خرج عن الاستخدام الصحيح والسليم لحريته وصار يهدد المجتمع وأمنه وسلامه وعليه فلا بد أن تقيد حريته. الحرية قيمة جميلة ورفيعة وسامية ولا تُمنح إلا لإنسان مسؤول يقدر يثمن ويفهم ويعرف ماذا تعني الحرية.. إنها مسؤولية، إنها سمو في الأخلاق وعلو في التصرف وكمال في السلوك واستقامة في الحياة وحرص على الأمة وأمنها واستقرارها وسلامها، فلكل إنسان حرية التظاهر، والخروج في مسيرات، والاعتصام والاحتجاج، لكن دون المساس بحقوق الآخرين.. لكن حين تقطع الشوارع فأنت تعتدي على حقوق الآخرين في حرية التنقل، وحين تحرق إطارات السيارات في الشوارع فأنت تلوث الجو.. وبالتالي تؤذي الآخرين، وحقهم في تنفس هواء نقي، وحين تعتدي على المؤسسات العامة أو الخاصة.. فأنت هنا قد قمت بالعدوان على حقوق الآخرين، وحين تعرض حياة الناس للخطر في المشافي بحجة الإضراب مطالبة لحقوق، فأنت قد أجرمت، وحين تعطل الدراسة في التعليم العام أو العالي وأنت تستلم كل حقوقك فقد أجرمت في حقوق مئات الآلاف بل الملايين من الطلاب والطالبات.. كل هذه ليست حريات إنها جرائم، حين تختطف وتنهب وتسرق الآخرين فأنت هنا قد خرجت عن حدود الحرية ودخلت خانة الإجرام، فما بين الحرية والجريمة سوى شعرة رفيعة إن تعديتها تكون قد تعديت حريتك، وفي هذه الحالة فالقانون يقوم بتحديد حريتك ومساءلتك ومعاقبتك. رابط المقال على الفيس بوك