الحرية هي حق تصرف الفرد فيما يملك، وهو ما يتطلب من كل إنسان أن يفهم ذلك في حدود حقه، وملكه، وفي حدود القانون وأن الحرية ليست مطلقة في التفكير، والعمل، والسفر، والنشاط، والسياسة، وهو ما يفرض أن تكون الحرية لعاقل في تصرفاته.. فإن خرجت تصرفاته عن المعقول و الموضوعي قيدت حريته.. وعليه فالمجنون، والسفيه، والمختل، أو المضطرب عقلياً تحدد حريته، أو تقيد ،وعليه فإن الإسلام قد قيد كل سفيه عن التصرف بثروته وذلك بفرض الحجر عليه ..لماذا؟! لأنه يتصرف في صرف ثروته بهدف تبديدها، وعدم ترك أي ميراث لمن بعده من زوجة وأولاد أو أي وريث.. وهذا ليس مجنوناً ..لكنه يسمى« سفيه» ويقصد بتصرفه إيذاء ورثته، وتركهم للفقر ينهشهم وذلك محرم في الإسلام.. ويحكم عليه بالحجر.. مع أنه يتصرف بثروته.. وهي حق وملك من أملاكه.. لكنه يقوم بإيذاء، والإضرار بالآخرين من ورثته.. وعليه أجاز الإسلام تقييد حريته..أي أن الحرية قد تقيد حتى من التصرف بحق أو ملك إذا كان ذلك التصرف يضر بالآخرين. من الأمثلة البسيطة أيضاً أن الفرد قد يسيئ التصرف في بيته، ويضر بالجيران ..مثل أن يضع مكبرات الصوت فوق الأسطح أو في نوافذ البيت ويرفعها أو يفتح صوتها عالياً إلى حد إقلاق وإيذاء الناس الجيران في بيوتهم، بل يصل أذاه، وإقلاقه لراحة الناس إلى مسافة أبعد من الجيران، وحين يأتيه أحد الجيران يطلب منه أن يخفض مكبرات الصوت، لأنه قد أزعجهم يرد عليه يا أخي أنا حر.. بيتي وأنا حر فيه.. والا جيت تمنعني من بيتي، دون أن يعلم أن حدود بيته هي حائط الحوش ،أي سور المساحة المحيطة بالبيت، أو سور البيت نفسه ..فإذا خرج الصوت عن حدود جدران، أو سور البيت أصبح مؤذياً ومضراً للآخرين واعتداء على حقوقهم في الراحة والسكينة، والهدوء في منازلهم.. وهذا كثيراً ما يحدث في الأعراس، وهو تعد للحرية، وفيه إيذاء للآخرين وقانوناً من حق عاقل أو عمدة الحي أن يوقف ذلك.. مالم من واجبه استدعاء الأمن من قبل القسم الذي يتبعه لمصادرة أجهزة الصوت إذا لم يلتزم صاحب البيت بخفض أجهزة الصوت. وهكذا في المسائل والحقوق الفكرية، والسياسية، والتعبير عن الرأي..فالحرية مكفولة ما دامت لا تؤذي ولا تضر بفرد، أو جماعة، أو المجتمع ..مثل ..لا حرية لمن يقوم بالترويج والنشر، والدعوة لأفكار ومفاهيم هدامة كالطائفية، والمذهبية والكراهية والحقد، وكل ما يؤدي إلى إثارة الفتن بين أبناء المجتمع، أو ذلك الذي يخرج ليعبر عن رأيه وإذا به يكسر ويخرب، ويدمر، ويحرق ويختطف، ويتقطع ويؤذي ويعتدي على العام والخاص، معتقداً أن ذلك من حقه وأن الديمقراطية والحرية يجيز له ذلك ..ودون أن يدري أن الحرية مسئولية ..فالإنسان الحر هو مساءل عن أعماله أما القانون ..أما المجنون فإن حريته تقيد، ومثل هؤلاء من يهدد ويرعب ويتوعد ويكفر ويبيح الدماء والأعراض.. فهذا مس وهدد أمن واستقرار الآخرين ممن يعارضوه أو ليس معه، وفي هذه الحالة فقد خرج عن حقه وحريته إلى نشر الفوضى والجريمة في المجتمع.. ومن حق ولي الأمر إيقافه وتطبيق القانون عليه. إذن فالحرية مكفولة في حدود القانون وعدم إيذاء الآخرين أو تهديدهم وفي حدود عدم الدعوة للحقد والكراهية، والطائفية والمذهبية والفتن بين أبناء المجتمع وفي حدود عدم المساس بأمن، وسلامة، وحقوق الآخرين وفي حدود عدم الاعتداء على العام و الخاص، إنها أي الحرية حق يتوقف حين يبدأ المساس بحق الآخرين أو حين تبدأ حرية الآخرين هذا ما يجب أن يفهمه المواطن ويفهمه ولي الأمر. رابط المقال على الفيس بوك