بحسب ما علمت من مصادر طبية مطلعة لا يحق لي هنا الكشف عن أسمائها أو أسماء المستشفيات المقصودة , فإن المهم في هذه السطور هو مأساة اليمني المريض الذي يقع ضحية لوبي المستشفيات الاستثمارية الخاصة وخصوصاً من وصفتهم تلك المصادر ب «لوبي» المستشفيات الخاصة الكبرى المبشرين بالنقمة الشعبية . وما فهمته خلال نقاش عابر مع أطباء يمتلكون ضمائر حية ويشغلون وظائف في مواقع رقابية صحية هو أن «ملك الموت» لا يقدم نفسه من أول وهلة كخيار وحيد ومستبد أمام المريض اليمني المغلوب على أمره، وإنما يصبح الخيار المتاح بعد أن تنسد آفاق السفر للعلاج في الخارج بالنسبة للكثير من الفقراء الذين أيضاً يستجيرون من رمضاء المشافي الحكومية المهملة بنار المستشفيات الاستثمارية الخاصة التي لا مكان فيها للمساكين أو بالأصح شعارها «جنة الفقراء قبورهم». والحقيقة المُرّة التي قد لا تخفى على كثير من البسطاء الذين يرددونها مراراً وتكراراً من وقت طويل, وأنا أوردها فقط من باب أنني سمعتها من مصادر مطلعة هو أن غول أو «لوبي» المستشفيات الاستثمارية لا مكان فيه للتعاون على البر والتقوى ولم تعد تتجسد فيه مقولة «ملائكة الرحمة» وإنما الفلوس التي إن توافرت بكميات كافية يمكن لك أن تشتري صحتك أو حياتك, أما إذا كنت تفتقدها فليس أمامك إلا أن تموت مثل الكلب «العربي طبعا». ووفقاً للمصادر فإن لوبي المستشفيات الخاصة الكبرى وهي منشآت طبية ربحية جهنمية أغلبها في أمانة العاصمة , هذا اللوبي لا يعمل بالصدفة وحتى لو تم تصنيف مالكي تلك المستشفيات بين إسلاميين أو علمانيين أو مستثمرين قبليين أوما شابه ذلك فإنهم يرمون عرض الحائط بتلك الاختلافات ويتفقون على المواطن الغلبان حتى إنه يحق فيهم القول «تحسبهم شتى وقلوبهم غير الرحيمة جميعاً واحدة». وهذا اللوبي لا يسمح لأحد أعضائه بتقديم أسعار تشجيعية نظير خدمات طبية جيدة وإنما يتصرف كنظام احتكاري تلتقي فيه جميع تلك المستشفيات الخاصة عند أسعار خيالية مقابل كل شيء بداية من سرير الرقود الذي يفوق أسعار الفنادق العالمية ذات الخمسة نجوم وأعلى في أوروبا وأمريكا وصولاً الى قيمة العملية الجراحية التي كشفت فواتير عن تضمين تلك المستشفيات لما يعرف بقيمة الإضاءة مضافاً إليها بدل قطع غيار ووقود ومولدات خاصة جراء أعمال التخريب التي تطال محطة الكهرباء الحكومية , وبدل وجبات وبدل تحسين مدينة وبدل مشارط, و..و.. إلخ حتى إن تلك البدلات تفوق بمرات التكلفة المقدرة للطبيب الجراح التي يفترض أن تكون هي الأساسية وما دونها نفقات ثانوية لا تذكر. والمؤسف هو أن الجميع يتفق على أن المستشفيات الحكومية الكبيرة تمتلك من الكوادر الطبية العالية المهارة والأجهزة والتجهيزات ما يفوق كثير من المستشفيات الخاصة، ولكن للأسف الشديد لا يجري الاستفادة من كل ذلك, لسبب بسيط وهو أنها تعمل بلوائح وأسعار تعود لزمن الحقبة الاشتراكية في وسط كله ينتمي للعولمة مما لا ينعكس بالفائدة لا على المواطن المريض ولا على الدخل الحكومي البائس. وبالتالي فإن المطلوب هو تجويد الخدمة الطبية التي تقدمها المستشفيات الحكومية وفي المقابل وضع تسعيرة معقولة ليس فيها ضرر ولا ضرار، بحيث تكون غير مؤلمة للمواطن وفي نفس الوقت محفزة للكوادر الطبية اليمنية على أن تعمل وتبدع وتجسد مقولة «ملائكة الرحمة» في بلاط الطب الحكومي. ومن أجل أن لا يموت الطبيب في أطلال المستشفيات الحكومية أو يموت الفقير على أبواب المستشفيات الخاصة, على الدولة أن تتحرك وأن تضع حداً لهذه المهزلة أو الكارثة. رابط المقال على الفيس بوك