تتواصل جلسات ويوميات مؤتمر الحوار الوطني , وتتواصل معها جهود ومساعي اطراف المعادلة السياسية المشاركة فيه , من اجل ايجاد مشروع انقاذ وطني , ورؤية وطنية موحدة كخلاصة تستوعب مشاريع ورؤى كافة الاطراف , وتتضمن الحلول والمعالجات المناسبة لجميع الأزمات والمشاكل والقضايا المطروحة على طاولة اعمال المؤتمر , بأشكالها واحجامها المختلفة والمتعددة . وحتى وان كانت مؤشرات وبوادر هذه الرؤية لم تتضح بعد , ولا تلوح في افق المشهد السياسي المخيم على اعمال الحوار الوطني وعلى الساحة الوطنية بشكل عام , فإن الاستمرار في البحث وتواصل بذل المزيد من الجهود والمساعي من جميع المكونات في سبيل تحقيق ذلك , فهذا يعد انجازاً بحد ذاته ومؤشراً حقيقياً على مصداقية المتحاورين وجديتهم في انهاء الماضي بكل مافيه من استبداد وظلم وفساد وعشوائية . لقد شعرت بسعادة بالغة حين بدأت القوى السياسية , تعرض رؤاها وافكارها وتصوراتها بخصوص القضايا العالقة , على فرق عمل الحوار الوطني خلال الأيام الماضية , وبغض النظرعن مدى قناعتي أو اتفاقي مع ما تضمنته او احتوته تلك الرؤى , فإن تعدد الآراء وتعدد المشاريع الوطنية , ينم عن تقدم حقيقي في العملية السياسية وتطور كبير في الوعي الاجتماعي اليمني , كون الاطراف والمكونات السياسية المتصارعة , انتقلت من مربع العنف والصراع المسلح , الى مربع الحوار والتعايش والقبول بالآخر , مهما اختلفت أو تباينت الافكار والآراء. صحيح ان الطريق لا يزال طويلاً امام المتحاورين , والهدف الذي يسعون اليه بعيد المنال , و صحيح ايضا انه لا تزال هناك العديد من التحدايات والعراقيل والصعوبات التي يمكن ان تعترض طريق الحوار وتهدد العملية السياسية , الا انه بالاصرار وبصدق العزيمة وقوة الارادة , يمكنهم اختصار الطريق ويمكنهم بعون الله وإرادته تقريب البعيد وتجاوز كافة الصعاب والمعوقات. وهنا لابد لي من الاشارة الى ان اليمن يعيش خلال هذه الفترة , بين مرحلتي صراع البنادق والمدافع والدبابات وصراع المشاريع والافكار والرؤى, وهي مرحلة المخاض العسير, في اطار عملية التحول السياسي , وفي طور عملية الانتقال من مرحلة الماضي بنظامه المستبد وعقليته المتحجرة وثقافته المتخلفة وإرثه الثقيل والكئيب , الى مرحلة جديدة ومختلفة , نتمنى ان تكون ابرز سماتها نظام مدني ديمقراطي , عقلية منفتحة ومتقدمة , ثقافة مدنية مستنيرة ومتطورة , ووطن سعيد وعيش رغيد وشعب مجيد ومستقبل يعود بالخير والنماء والامن والسلام والاستقرار على البلاد والعباد , ولذا من الطبيعي بل ومن المؤكد ان تستمر المخاوف وتتصاعد وتيرة القلق , في صفوف ابناء هذا الوطن , مع كل تقدم تحققه العملية السياسية , ومع كل خطوة نخطوها الى الامام باتجاه المستقبل , من الطبيعي ان يكون حجم التضحيات , وان يكون مقدار الصبر وتحمل الألم , بحجم ومقدار عملية التغيير المنشودة , وبمستوى الطموحات والتطلعات التي نسعى الى تحقيقها في هذا البلد. رابط المقال على الفيس بوك