أكثر ما قد يمزق قلبي ، نظرات أطفال محملة بالخذلان ومغموسة بالحزن .. يقتلني حزن تفضحه أعينهم ، يقتلني حالهم أين هم .. صادفت في نهاية أسبوعي الماضي سارة الطفلة ذات ست سنوات ، وفي عينيها حزن وعبارات تلامس الخدلان ، خدلان الأوطان لوطنها ، خذلان حكام لقضيتهم ، خذلاننا نحن بأن أصبحنا مشاهدين لحال وطنها .. سارة طفلة سورية فقدت خالها وأولاده ، وفقد خالها الآخر إحدى قدميه ، وفقدُها الاكبر بوفاة جديها بقذيفة أصابت المنزل .. حزن تحاكيه سارة عن وطنها ، لاتتكلم وكأن الحروف ترفض النطق ، عيناها لسان حالها ، آلمني ما بها وألمني أكثر حين تذكرت أن مئات الأطفال مثلها ،يعانون أشد .. سوريا أكملت العامين ولازال دمها ينزف، لازالت الطفولة تُقتل وهي في رحم الأم ، قاسية الحياة حين حرمتهم العيش براحة مثلنا . عامان مضيا ولست أعلم كم سيمضي وأنا لازلت أستمع لنشرة التاسعة مساء ، وأحصي عدد قتلى اليوم .. كم شهيد سقط، وكم جريح فارقت أنفاسه وطنه وحضن أهله .. في وطني طفولة مثلك ياسارة ، حرمت الحياة الأمنة ، لم تنعم سوى بشقاء كبير عليهم ، عيون أطفال وطني أيضاً تحكي خذلاناً ، خذلان ممن أماتوا الثورة ، ساسة خانوا الوطن ، مرضى يصارعون الألم ، أيتام فقدوا جناحُاً لهم ، أو مشردين فقدوا منزلاً يؤويهم ، حالهم بين الشتات ملقون ، معاناتهم لا مستمع لهم ، رغم تعالي أصوات تدعي مساعدتهم ، لكن لايرون إلا أفواه تتكلم ولا أفعال تثبت ذلك .. أعترف أنني لم أقدم للطفولة شيئاً إلى الآن غير القول ، وأرفض أن أنضم للأفواه الناطقة فقط .. لكن بعدك ياسارة أقسمتُ على نفسي أن أكرس مجهودي، لطفولةٍ تحاكي الخدلان ويمسها الحزن والوجع ، سأتوقف عن أداء دور المشاهد ، وسأكون يداً تحاول انتشال الخذلان من أعينكم ، صلواتي لكم ودعائي بأن يهب الله تلك العيون فرحاً بعد انكسار وحزن ، وسأكون معكم ولكم ، وإن لم أفعل أعدك أنني سأخرس هذا القلم الذي لم يقدم إلا القول. رابط المقال على الفيس بوك