الحدث المصري يفرض حضوره الأفقي والرأسي في عموم العالم العربي ليذكّرنا بالمعنى الكبير لجغرافية المكان والثقافة والسؤال الذي وحّد الأمة العربية منذ عقود الأحلام الكبيرة، عندما توزع فرقاء الأحلام إلى قوميين ويساريين وإسلاميين، ينتظمون في كامل المكان والزمان العربيين، حتى إن الانشقاق غير المنكور الذي نراه في الشارع المصري يكاد يجد له نظيراً موازياً في العالم العربي، وخاصة في بلدان العمق الديموغرافي، والانتشار المفجع للفقر والمظالم، وانتظام فرقاء الصراخ السياسي في مربع الزعيق والنعيق الذي يجتذب ملايين العوام المغلوبين على أمرهم. ها نحن الآن أمام زلزال جديد يعيدنا إلى ذات المربع بوعود أكثر درامية، ووقائع أكثر رعباً، والشاهد هو أن العالم برمته يقف محتاراً حائراَ أمام توالي الحراك الجماهيري الغالب، والغياب الواضح للقبول بالتسويات، فبالرغم من الإجادة السياسية الشكلية لإخراج المنعطف الجديد على بساط الشرعية الشعبية الموصولة بتوافقات جازمة لمعارضي نظام مرسي، إلا أن هؤلاء سرعان ما اختلفوا بمجرد تعيين رئيس وزراء انتقالي جديد لن يجد أمامه وحكومته الافتراضية ما يتجاوز تصريف الأعمال، توطئة لانتخابات نيابية ورئاسية ستحدّد معالم الطريق القادم. وبالمقابل لايزال حزب الحرية والعدالة يرفض التغيير الناعم الذي تم بروافد مؤسسية وجماهيرية ناصرها الجيش، وقدّم لها محرك الدفع الحاسم. أمام هذه الحقائق لا يستطيع المراقب الحصيف افتراض سيناريو بذاته، فالوضع مفتوح على كل الاحتمالات، والحالة تبدو سريالية، إلى حد الأزمة التي لن تنتهي بين عشية وضحاها، وما حدث في سيناء نذير شؤم لا تحتمله مصر، وما يمكن أن يحدث بذات البروفة قد يتحوّل إلى عاصفة تتطلّب قدراً كبيراً من الموانع والحواجز فوق العسكرية، ولن ينال طرف بذاته ميزاته النسبية الوفيرة إن لم يتم الشروع في تسوية سياسية شجاعة تسمح بعودة الإخوان إلى ساحة الفعل السياسي، وعلى أسس برنامجية واضحة المعالم، وقبول استراتيجي بمرئيات واستحقاقات دستور الدولة الجديد الذي مازال في علم الغيب. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك