الطفل الذي لا يرضع من أمه لأي سبب من الأسباب، وإنما يرضع من ضرع “معزة” أو ضرع “بقرة” أو اللبن الصناعي من “البزازة” أو “المجرُع” هل يستوي هو ومن يرضع من ثدي أمه؟ يقول الإمام سعيد النورسي: إن أول أستاذ للإنسان وأكثر من يؤثر فيه تعليماً، إنما هي والدته، ويقول: سأبين بهذه المناسبة هذا المعنى الذي أتحسسه دائماً إحساساً قاطعاً في شخص، وهو: “أقسم بالله أن أرسخ درس أخذته، وكأنه يتجدد عليّ، إنما هو تلقينات والدتي رحمها الله ودروسها المعنوية، حتى استقرت في أعماق فطرتي وأصبحت كالبذور في جسدي، في غضون عمري الذي يناهز الثمانين رغم أني قد أخذت دروساً من ثمانين ألف شخص، بل أرى يقيناً أن سائر الدروس، إنما تبنى على تلك البذور، بمعنى أن أشاهد درس والدتي، رحمها الله، وتلقيناتها لفطرتي وروحي، وأنا في السنة الأولى من عمري، بذور أساس ضمن الحقائق العظيمة التي أراها الآن وأنا في الثمانين من عمري. مثال ذلك: إن “الشفقة” التي هي أهم أساس من الأسس الأربعة في مسلكي ومشربي في الحياة.. وأن “الرأفة والرحمة” التي هي حقيقة عظمى أيضاً من حقائق رسائل النور، أشاهدهما يقيناً بأنهما نابعتان من أفعال تلك الوالدة الرؤوف ومن أحوالها الشفيقة ومن دروسها المعنوية”. هذا الشباب الذي نراه يملأ الأسواق وتضيق بوجوده الحارات لم يجد من يهتم بنشأته منذ أن كان جنيناً في بطن أمه، فقد كانت أمه مصابة بأمراض سوء التغذية، وأمراض سوء التربية فلما وضعته نقلت إليه كل أمراضها بسبب سوء نشأتها، وسوء إعدادها لكي تكون أماً صالحة فجاء ابنها أو ابنتها على شاكلتها.. سوء على سوء ومساوئ فوق مساوئ.. وقد كان يكفي الأم من التربية أن تعلم أن حليب الأم لا مثيل له ولا شبيه في تركيبه وتكويناته البيولوجية في صياغة شخصية طفلها، وأن الفرق بين لبن الأم والحليب الصناعي كالفرق بين صورة الإنسان وصورة الحيوانات المنتجة للحليب الصناعي. فائدة: إذا اجتمع في جسد واحد، سوء الرضاعة وسوء التربية، فهل يستقيم الحال!؟ وهل يكون الجَني غير الشوك؟! رابط المقال على الفيس بوك