مع بداية الأزمة التي عصفت باليمن في العام 2011م كان حزب الإصلاح وملحقاته من المشترك يقولون يرحل علي عبدالله صالح وكل شيء سيكون تماماً، كانوا يصورون أن الوحدة في خطر في ظل وجود علي عبدالله صالح والثأر منتشر بسبب علي عبدالله صالح والحوثي سيترك سلاحه ولو رحل علي عبدالله صالح والمرتبات ستزيد عشر مرات في غياب علي عبدالله صالح وخريجي الجامعات سيلتحقون بالتوظيف ولن يكون هناك عاطل واليوم تتقاتل القبائل في عمران ليس من أجل الحرية والكرامة، ولكن من أجل السربلة والضم.. والشباب يعانون من ضغوطات نفسية بسبب ما وصلوا إليه من غياب للرؤية وإحباط نفسي وفقدان للأمل. خرج علي عبدالله صالح من السلطة واليمن موحد واليوم الجميع يتسابق على تفتيته وتمزيقه سواء الأحزاب أو تلك الفئات المتفق على تسميتها في مؤتمر الحوار: شباب ومجتمع مدني ونساء. يتسابق الجميع على إسقاط الوحدة وكأنها أصبحت كابوساً تؤرق مستقبل أولادهم، والأدهى من ذلك يريد هؤلاء إقناعنا بأن الخلاص يكمن في تمزيق البلاد ومثلما كان علي عبدالله صالح هو السبب في بؤس اليمن وهو رئيس، ما زال هو السبب في غياب الأمن وتفجير أنابيب النفط وأبراج الكهرباء وهو مواطن عادي. إنها البلاهة التي تتجسد في هؤلاء الذين مثلوا ذات يوم دور الثوري ثم تقمصوا هذا الدور.. من يشاهد هؤلاء الممثلين وهم على خشبة مسرح الحوار في فندق موفنبيك يدرك حجم التعصب والكراهية وإعلاء شأن رفض الآخر الذي يرون فيه هزيمة مشروعهم وصورهم الملوثة بالإيمان الكاذب والوطنية المتعصبة . كيف لا وهم لا يستطيعون الدفاع عن توجهاتهم الاقتصادية والاجتماعية المعادية للشعب والوطن. زعم هؤلاء أنهم خرجوا من أجل الحرية والكرامة لكنهم لم يكونوا أكثر من عصابات وقطاع طرق ومروجين للجريمة السياسية المنظمة. ونحن نقترب من نهاية مؤتمر الحوار عادت البلاد إلى مربع الحيرة والبحث عن أفق مطمئن، المؤتمر الشعبي العام يطالب بتنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية فيقولون عنه إنه معرقل للحوار والحراك الذي يرفع العلم الشطري ويطالب بفك الارتباط وعطل الحوار لأكثر من شهر لم يكن معطلاً نحن أمام تعابير مستجدة مستعادة من زمن الشعارات وقلب الحقائق، اليوم يعلو الخطاب المناطقي حتى يكاد يطمس الخطاب الوحدوي، وتتفجر الخلافات التي كانت سياسية، صراعاً مذهبياً ومناطقياً.. إن زعماء الأحزاب السياسية وخلفهم شباب معتوهون، ضيعوا الهدوء النسبي في بلدهم لجذب الاستثمارات الهاربة في المنطقة ولاستعادة موقع استقطاب مالي فقده بسبب الأزمة.. وهم ما زالوا يصرون على بقاء بلدهم ممزقاً عبارة عن كنتونات مناطقية متواجهة، وهي تفتقر إلى التوازن في علاقاتها، بوصف أهلها أبناء شعب واحد في ماضيه وحاضره ومستقبله، يساندهم في ذلك الغباء السياسي لدى الكثير من المكونات التي تعتمد على التهييج لملء الفضاء والهواء على حساب الاستقرار والسلام. نحن أمام قيادات شغوفة بالفتنة، تعتقد أن هذه الفتنة هي مصدر الشعبية، حتى لو كانت على حساب الوطن وأمنه واستقراره ووحدته. نحن أمام مخرجات لمؤتمر الحوار الوطني من شأنها تقسيم الشعب اليمني إلى أكثر من سبعة شعوب، فاليمن تتجه نحو الفوضى بفعل هذا التقسيم والفلتان الأمني الكبير الذي تشهده البلاد وانتشار المليشيات المسلحة التي سيكون لها الكلمة العليا في ظل غياب الجيش والأجهزة الأمنية، أصبحت اليمن تواجه خطر الفوضى العارمة التي ستقود إلى حرب أهلية بسبب الفراغ الذي سيصيب مؤسسات الدولة بسبب الانتقال إلى الدويلات والقفز نحو المناطقية. لقد ظهرت وثيقة تبين الاتفاق السري بين اللقاء المشترك والحراك في القاهرة عام 2011م نص على دعم الحراك للمشترك في إسقاط نظام صالح مقابل دعم الحراك في الحصول على الانفصال. يمكننا القول إن الدولة اليمنية قد سقطت بالضربة القاضية وسقطت الديمقراطية، أسقطت الدولة ولا أحداً يظهر حزنه على غيابها أو تغييبها القسري، فالكل لا يريد الدولة لأنهم يخافون من عدالتها.. وصرنا اليوم أمام هيكل دولة، حكومة تتصرف وكأن الشعب لا يعنيها، وبرلمان مدد له أكثر من ثلاث مرات، وقرارات تتجاوز القضاء وتؤصل لدكتاتورية قادمة، والجيش متروك لقدره يواجه التفكيك، هيكل دولة تتقاسمه قوى التقاسم، وتلعب فيه لمصالحها على حساب مصالح اليمن والمصلحة الوطنية. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل الأقاليم ستحمي اليمن من السقوط أم أنها تساهم في مساعدة الباحثين على السلطة بالإمساك بمناطق معينه من الجغرافيا؟ يبدو أن مخرجات الحوار لن تكون قادرة على ضبط الصراع القادم بين الأحزاب التي لم تتصالح مع بعضها البعض حتى هذه اللحظة، والخشية أن تساعد هذه المخرجات في سقوط الوحدة. رابط المقال على الفيس بوك