المشافي أو المستشفيات ، أو سمّوها ما شئتم من تسميات ، كانت المسميات التي تعتني بالصحة تعني للناس الكثير ، إذ هي الملجأ بعد الله لمداواة جراحهم وآلامهم. أما الآن فهذه التسمييات عندما تُذكر أمام شخص ما ، يتبادر إلى ذهنه وقع مصيبة لأن مشافينا في اليمن لم تعد صالحة للاستطباب ، لكثرة ما بها من جراح في كل مفاصلها ، في مفصلها الأساسي (الكادر) على مستوى الطبيب والممرض ، في مفصلها الإنساني على مستوى التعامل بإنسانية مع المريض ، في مفصلها التجهيزي ، في مفصلها الإداري ، ...إلخ. لا يدخل المريض إلى مشفى خاص أو عام إلا وهو يشعر أنه زبون على قدر ما يدفع يجد الاعتناء ، و ياليت هذه بتلك ، سيدفع المريض ويجد الاعتناء ، بل يبحث عمن يداوي جراحه بماله ولايجد آذاناً صاغية لصوت وجعه ، والخطاب الموجّه له بصوت مسموع هو اذهب إلى الصندوق ، وتجد الطوارئ ، والإسعاف ، مزدحمة بالمرضى وفي الأغلب من يداويهم ويستقبلهم هم المتدربون .. فأين الكادر الأساسي ياعباد الله؟. لم نعد نفكر بالمشافي قبل أن يتبادر إلى أذهاننا استطباب جداتنا ، ( فالحُمَر ، والسليط الحالي (زيت السمسم ) ، والمواسم حق السيّد ، و...إلخ ،) هي ما يتبادر إلى الذهن قبل التفكير بالمشفى. فلم يعد الخوف كل الخوف من العلاج والمال الذي يذهب إلى الصندوق وعدم سماع قصة المرض بتأنٍِ من قبل الطبيب ، لكن الخوف من تشخيص الأطباء للمرض . لذلك لم تعد المشافي ذات جدوى بالنسبة للناس بقدر ما هي مصدر خوف وإحساس بمصيبة قد تتفاقم لديهم بسبب خطأ التشخيص ، خاصة عندما تأتي إلى طبيب ينقض علاج الطبيب الأول ، ويبين لك أهمية علاجه ، وخطأ تشخيص الأول ، وصواب تشخيص الثاني ، وعلى المريض أن يدفع ، وفي النهاية ممكن يتجرّع كورس التيفوئيد والالتهابات في الدم وهو في الأساس يعاني من مرض القلب ، وبالمناسبة أنا لا أبالغ فهذا حدث فعلاً. المشافي في الأغلب أصبحت ملجأً للمريض في الأساس عندما يكون ضحية حادث مروري أو حادث جنائي ، وياليت المشافي تقوم باللازم ، وهي ذات أسماء رنانة مشهود لها من قبل فلان وعلان أنها ذات خبرة وكفاءة وسعة صدر وسعة مكان ، بينما قسم الطوارئ لا توجد فيه أسرّة كافية بالرغم من تلك التسميات والأوصاف التي خلعوها على مشافيهم .كما لا يوجد فيها كادر يستوعب عدد «الزبائن »، عفواً عدد المرضي واللاجئين إلى مشفى يداوي جراحهم. كل من يذهب إلى أي بلد غير اليمن ، سواء كان هذا البلد فقيراً أو غنياً يلاحظ مدى الفارق في الخدمات الأساسية، خصوصاً في القطاع الصحي والتعامل مع المريض فإلى متى تستمر أوجاعنا وتظل أرواحنا هي الأرخص على المستوى المحلي والعالمي في أشرف مهنة ، وتظل الطائرات التي تقلع من مطار صنعاء مليئة باليمنيين الباحثين عمن يداوي أوجاعهم بعد واحد وخمسين عاماً من ثورة 26 سبتمبر وثلاث سنوات من ثورة 11 فبراير؟. كم أتمنى أن أصحو يوماً وقد شُفيت جراحات المشافي في اليمن ، وخصوصاً في تعز علها بعد أن تُشفى جراحاتها تعتني بجراح المرضى. رابط المقال على الفيس بوك