عندما تتعمق في مجريات الأحداث في الوطن تجد أننا في مخاض صحي وجاد وامتحان صعب يفرز العقول النظيفة القادرة على الإنتاج الحسن للرؤى والمشاريع، القادرة على دفع الوطن نحو النهوض والنمو والتطور ومواكبة تطورات العصر عن العقول المزيفة الخاوية استشعرت بالفشل وعدم القدرة على إنتاج شيء وضاعت أمام الكم الهائل من الأفكار والرؤى العقلانية والعلمية المدروسة بعمق، هذا الفشل جعلها كالغريق يتخبط لإنقاذ نفسه بعد أن انكشف زيفه وضعفت قدراته الفكرية والسياسية في تقديم شيء سوى التناقض والجدل البيزنطي الذي لا يقدم شيئاً يُذكر، بل يخلط الأوراق ويشتت الأفكار ويسمّم الساحة ويخلق أزمات وتباينات ليقول: نحن هنا، لأنه لا يستطيع أن يعيش في أجواء صحية وحوار جاد وحقيقي، بل تعود على أنه هو وحده من يدير الحوار ويوجد الأرضية التي تخدمه، لتضيق الخناق على الآخر في الأخير ومن دون شك سيغرق لأنه غير قادر على الخروج إلى بر الأمان وهو مشوّش الفكر، متناقض الرؤى مع نفسه ومع الآخر خاوي العقل، إلا إذا أفقد الساحة من أسسها العادلة والمنصفة ويفرض نفسه بالخداع والمكر والتزوير وهذا محال. عندما تتابع خطابهم الفاقد للواقعية والأسس العلمية تشعر أنهم في مأزق ثقافي وعلمي أمام الآخر ولأننا في زمن لا يصح فيه سوى الصحيح بضرورة ستؤول محاولاتهم المعيقة بالفشل أي نحن في الطريق الصحيح لأنهم محصورون في زاوية ضيقة كل يوم يمر ينكشفون ويبان زيفهم. بقدر ما أشعر بالارتياح لسلامة سير عملية البناء والتغيير أتحسر كثيراً على نصف قرن الذي سلب من حياتنا بتسلط هذه العقول على مقدراتنا ومصيرنا بصناعة لنفسها هيلمان وجاه وبريق مزيف خلق انجازات مزيفة وأوهاماً في عقولهم ونفوسهم المريضة وخير ما يشهد على ذلك هو حرصهم على الوحدة الوطنية التي اغتالوها في زمنهم وحوّلوها من شراكة إلى منجز يخصهم وحدهم، وانتزعوا الضمير الوطني من نفوس الوطنين الحقيقيين. أن ما يُبذل من جهود على الأرض هو ترميم ما خلفه تسلطكم وعنجهيتكم، كفى أوهاماً ومكابرة فالواقع لم يعد مخفياً، كل الجماهير اتضحت لها الصورة وهي صبورة بصبرها وتحملها حياة الذل والهوان خلال زمنكم، فإذا فاض بهم الكيل وهم يشاهدون مسرحيتكم المعيقة والمملة التي تسبب لهم الألم والبؤس والمعانات سيتحوّلون إلى سيل جارف ليخلّص الوطن منكم ويريح المواطن من معاناته وآلامه، أنتم والقلة القليلة التي تشجعكم وتساندكم أصحاب المصالح. فالشباب عماد المستقبل ورجاله والمرأة والفئات المضطهدة هم أكثر شغفاً لهذا المستقبل وهم قادرون على حماية صناعته، هل تتعظون أم تكابرون كما قال تعالى: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} ولكل ظالم نهاية والإنسانية غنية بتجاربها إن كنتم تعلمون.