- (لطائف) * يعيش المتحزبون في ظل شجرة جرداء تحرق رؤوسهم الشمس، بينما تقسم تضاريس وجوههم الواهمة أنهم في بحر الفي المفقود..، المتحزبون فقط هم من تربعوا على عرش الحوار وهم من سيدير ظهره غداً للوطن إذا لم يُشبع الحوار - كسوق مفتوحة لأطباق السياسة المحلية - نهمهم في التسويق لأزمة سياسية جديدة قد تختلف مقاديرها العرقية والقبلية والثورية، لكنها ستحمل نفس المذاق المُر الذي أحدثته سابقاتها من بنات فن الممكن اليمني الذي يبدو أنه سيرتدي ال(ويل والمقرمة) هذه المرة! المتحزبون هم من حملوا على عاتقهم رسالة التسويق لعقائدهم الحزبية، ولهذا هم المسؤولون أمام الشعب عن ثمار الموسم الأقل نضجاً والأسوأ مذاقاً على مر تاريخنا الحضاري، وهم وحدهم من سيكون مسئولاً أمام الشعب أيضاً عن تلك الفكرة المحمية بسلطة البندقية والتي تلتف بثوب الفيدرالية الجديدة في وطن لم يعد يحتمل عياراً واحداً من أي جهة ولأي سبب. المتفرجين خارج حلبة التحزب يستطيعون رؤية الحقيقة من زوايا متعددة.. بينما يبقى المتصارعون داخل الحلبة فقراء إلى صفارة حكم والغالب فيهم ليس بأفضل من المغلوب. للمتحزبين رؤى تختلف عن تلك التي يضعها سواهم، فهم يتحدثون عن كل شيء ما عدا الوطن، ويرفضون الأصولية في كل شيء إلا الكرسي، وينفرون من كل شيء ما عدا المصلحة، فالمصلحة هي مغناطيس العلاقات السياسية التي تبدأ بالألف ولا تنتهي بالياء، هي لغة لا يفهمها إلا من باع فضيلة الحق ليبتاع رذيلة الباطل، ودون جسور السياسة تتشرذم بكتيريا التبعية حتى تصنع مستعمراتها المحمية بدساتير خاوية وقوانين قاصرة واعراف ظاهرها ليس كباطنها، دساتير عرّت الشعوب وقتلت فيهم كل معاني الإنسانية وتسترت على جرائم الحكومات بنصوص جامدة ليسن فيها أي روح، فكان الفقر وكانت الرذيلة وأصبح بيننا من يصبح ويمسي على أنغام اللصوصية المحترفة، يسرق النوم من عيون الناس وتطال يده خلجاتهم وهو يحاول أن يغتال قلوبهم بسيوف أصابعه المسمومة، ويبقى له رأيه وصوته وهيلمانه، ويبقى الضعفاء ضعفاء لا يحميهم حزب ولا تسندهم قبيلة ولا تتكفل بهم سلطة..، ولأن المتحزبين يقولون ما لا يفعلون، تبقى منابرهم فارغة وصدى شعاراتهم محبوس في قمقم أثيري بين أرض لا نعرفها وسماء لا تعرفنا!.. إنهم أذيال السياسة وقوادها والعابثون بمفرداتها التي لا تلبي رغباتهم ولا تشبع طموحاتهم، إنهم ثمالة الكأس السياسي الذي ادهقه الساسة بدماء الأبرياء، إنهم فضول القضايا التي نفقت في سرداب التاريخ، وهم مومياء العصرنة التي جمعت الديمقراطية والاشتراكية والفاشية وكل مسميات الضلال والتضليل الحضاري، إنهم خلاصة التجارب الفاشلة التي جعلت من ضمير الإنسان مادة لزجة على شريحة من الزجاج! فهل يستوي إذاً من يعلم عن الحزبية ومن لا يعلم؟ هل يستوي الجاف والنقيع؟! أم هل يستوي من يرى الحياة بعيني حزبه ومن هو عن هذا بصير؟!! إنها الحزبية التي جعلت للأصم صوتاً وللأبكم لساناً ولكل ذي عاهة سبيلاً. * المنتصف