لسنا ضد أي كيان ينتمي إلى هذا الشعب سواء كانوا حوثيين أنصار الله أو أنصار الشريعة أو أنصار السماء أو الأرض، لكننا ضد فكرة العنف والسلاح وتقويض الدولة والجمهورية، ضد فكرة الإمامة التي ابتليت بها اليمن منذ قرون وكانت سبباً لويلاته التاريخية والتي ثار عليها الشعب اليمني للخروج من العبودية والتخلف . أشفق على بعض الديمقراطيين المدنيين الحداثيين الوطنيين الجمهوريين أدعياء الثقافة ...الخ؟ وهم لا يفرقون بين الأمس واليوم وبين الباع والذراع ويخلطون بصورة بلهاء بين المدنية والملكية والديمقراطية والإمامة ويتعاملون مع الحروب التي يثيرها الحوثي في دماج والجوف وحجة وحاشد وأرحب بمشروع إمامي طائفي معلن وكأنها حرب بين طرفين على شجرة أو خلاف على أرضية ، ويدعون إلى الحياد بين القبائل والحوثي. هناك فرق بين القبائل التي تصد المشروع الإمامي في غياب الدولة بغض النظر عن كل سلبياتهم وبين جماعة الحوثي، فالأخير فكرة وعقيدة ومشروع تسلطي طائفي يعلنها بملء الفم والمدفع جربناه مئات السنين ودفع اليمنيون هاشميين وقحطانيين من أجل إزاحته أنهاراً من الدماء من كل القرى والمدن بكواكب من الشهداء على رأسهم عبدالوهاب نعمان وإخوانه في ثور 1948م وعلي عبدالمغني وزملاؤه في ثورة 26 سبتمبر وأكتوبر ورفاقهم وصولاً إلى ثورة فبراير من أجل التخلص من الحكم الإمامي وبناء الدولة والجمهورية، بينما القبائل شعب يؤمن بالجمهورية وليس لديهم مشروع مناهض للدولة المدنية والجمهورية والعيوب التي فيهم نتيجة غياب الدولة وتجهيل متعمد بسبب انحراف النظام الذي سيطر باسم الجمهورية والثورة وكل السلبيات ستنتهي بوجود دولة مدنية ونظام جمهوري يحترم الشعب والقانون ومستعدون أن ينخرطوا فيها كما انخرطوا في الثورة وكل الثورات.. لايمكن أن يقف الناس متفرجين ليؤكدوا بسذاجة أن الحرب الجارية مثلاً تجري بين آل الأحمر والحوثيين وكأنها بين أسرتين في الحارة ، مع أن آل الأحمر موجودون في جبهة واحدة من اكثر من اربع جبهات مشتعلة حول صنعاء يخوضها الحوثي بأسلحة ثقيلة من أجل انتزاع اقليمية الإمامي وإسقاط صنعاء الذي لايعني سوى إسقاط الجمهورية والثورة والحوار الوطني والمواطنة المتساوية، والامر لايحتاج إلى ذكاء يافلاسفة المدنية والمساواة والحرية ومشروعه معلن وليس مخفياً أوغامضاً وبقوة السلاح وبعدها يتفرغ للتمديد على إيقاع الانفصال طبعاً الذي سيكون إفرازات طبيعية لحكم الإمامة الجديد . على فكرة هؤلاء القبائل لو تخلى عنهم الآخرون وافترضنا أنهم بقوا وحدهم و هزموا أمام الإماميين وهذا أمر بعيد سيتأقلمون بسهولة مع الحاكم الإمامي الجديد ويعودون ببساطة «عكفة» للإمام ليتنفذوا عساكر بقاء على كفار التأويل في تعز وإب والحديدة وغيرها يستبيحون كل شيء باسم الله كما كانوا قبل الجمهورية، لو ضيعناها أو بقينا نناكف بعضنا ونفرط بالجمهورية والشهداء ببلاهة فاقدة البوصلة والمشروع وحينها تكون «لغلغلي ابن لغلغي» أباً عن جد مهما كان علمك أوثقافتك أو«فصاعتك» كنتيجة لمن أضاع مجده وجمهوريته وتساهل في الدفاع عنها نكاية بزعطان أومعطان أومن أجل المناجمة. إن الدفاع عن الجمهورية والثورة مسؤولية الجميع، وهي هنا ليست دعوة للحرب وإنما دعوة للدولة أن تتدخل وللمجتمع أيضاً أن يرفع صوته دفاعاً عن الدولة والمجتمع ولايمكن أن ندع القبائل تأخذ دور الدولة ونبقى نحن نجلدها شتماً ونقداً وفلسفة خائبة وعقداً مترهلة .. نعم لابد لسلطة الشيخ التي أحياها علي عبد الله صالح أن تنتهي ولابد لفكرة السادة والعبيد أن تموت لصالح الدولة ليعيش الناس كلهم متساوين في ظل دولة النظام والقانون وهذه وتلك لن تنتهي إلا إذا تصرف اليمنيون بوعي وتحركت الدولة بسرعة ومعها المجتمع لإيقاف المشروع الإمامي المسلح والأثمان التي سندفعها اليوم ستكون أقل ألف مرة فيما لوتقاعسنا وتهاونا أمام الفكر الإمامي المتلهف لإعادة الماضي مدعوماً بقوة إقليمية . والذي لم يستوعب أن بإمكانه أن ينافس على الحكم سلمياً عن طريق الصندوق على قدم المساواة لأنه يرى نفسه فوق الشعب والمنافسة و مؤمن بالغلبة والمتغلب والسيف لانتزاع حقه الموهوم في استعباد الناس وحكمهم ببصيرة نازلة من السماء، وهذا مايفسر إصراره على الحرب والتسلح خارج الدولة وضدها، ليعودوا بعدها يشعلوها حروباً فيما بينهم كعهد الإمامة بين الواثق بالله الحوثي والحاكم بأمر الله المتوكل مثلاً على حساب استقرارالشعب وكرامته وعلى رؤوس «اللغالغة» «والزنابيل» الذين لم يكونوا عند مستوى الكرامة التي صنعها لهم الشهداء ولم يحافظوا على الجمهورية والثورة والمواطنة المتساوية كما يفعل الأحرار. [email protected]