تمثل (المؤسسة العامة للتأمينات) الاجتماعية محوراً مهماً في منظومة الاقتصاد الوطني وكذلك في منظومة النشاط الحقوقي العمالي المتمثل في التأمين على العاملين في القطاع الخاص بمختلف مستوياته وأوجه نشاطه كما أنها تتحمل عبئاً شاقاً في حث القطاع الخاص على التأمين على المستخدمين لديه خاصة في ظل غياب الدور النقابي الواعي والمستوعب للحق التأميني لعمال القطاع الخاص والذي في ظل غيابه أيضاً تستفحل عملية التهرب التأميني من قبل بعض أرباب العمل مما يلقي بالأعباء ويضاعف التبعات على كاهل( المؤسسة العامة) ليست هذه هي الكوابح التي تعيق أداء المؤسسة فقط بل إن عوامل عديدة تتظافر لتشكل عوائق جمة تعترض مسار العملية التأمينية في بلادنا بل إن أبرزها بالإضافة إلى ما سلف ذكره هو طغيان ثقافة الصراعات السياسية على مجمل الأنشطة الحياتية في صفوف المجتمع بمختلف فئاته وشرائحه وانهماك النخب الثقافية والحقوقية والاقتصادية والقانونية في ممارسة الركض في ماراثون السياسة الذي كل ما اتسعت خارطته وتمددت مساراته انكمشت خارطة المعرفة حتى بأبجديات الاقتصاد وبديهيات الحقوق التأمينية بل إن التأمين يكاد يكون الحقيقة الغائبة في فقه الصراع السياسي اليمني وبرامج الأحزاب ونشاطات منظمات المجتمع المدني لذلك نجد أن كثيراً من عمال القطاع الخاص لا يعلمون شيئا عن حقوقهم التأمينية ولا يكترثون له مما يجعل التهرب التأميني من قبل مستخدميهم من أرباب العمل أمراً سهلاً وغير مكلف ورغم ما تبذله المؤسسة من نشاط إعلامي توعوي من خلال الإدارة العامة للعلاقات العامة فيها وما تصدره من أدبيات تستهدف الارتقاء بالوعي التأميني إلى مستوى يصبح الفرد العامل على دراية بماله من حقوق وما عليه من واجبات إلا أن كل ذلك يصطدم بعدم اكتراث المجتمع واللامبالاة البارزة في عموم المشهد النخبوي المنشغل في أمور السياسة التي هي بالأصل ووفقا لمنطق العلاقات الجدلية بين مفهومي السياسة والاقتصاد يجب أن تُسخَّر لخدمة الشأن الاقتصادي والحقوقي لا أن يتحول الاقتصاد إلى مجرد علامة شاحبة على هامش متن السياسة أن منظومة القوانين والأعراف والتشريعات التأمينية بصيغتها الراهنة هي ثمرات كفاح العمال عبر مئات السنين بل إنها كذلك احدى المنابع الرئيسية التي تجعل استمرار الحياة المستقرة للشريحة العمالية ممكنة وليست قصة ترفيه أو قيمة زائدة عن الحاجة