أغلب المراقبين العرب يعرفون مصطلح «الصوْمَلة» أكثر من معرفتهم للصومال، البلد الأفريقي العربي الإسلامي الذي دفع أفدح الأثمان جرَّاء حرب أهلية استمرت ما يقارب الثلاثة عقود من الزمن، مُتخطية بذلك الحرب الأهلية اللبنانية. الصومال الذي توزّع على عهد الاستعمار التقليدي إلى عدة أقاليم تتناسب مع الاستعمارات الإيطالية والانجليزية والفرنسية؛ استقل في عام 1960م ليتوحَّد إقليما الجنوب والشمال بالتراضي المقرون بروح وطنية متفائلة، وقد ضع فرقاء الوطن الواحد نصب أعينهم منذ البداية تحقيق وحدة الصومال الكبير الذي سيشمل وفق ذلك التصور جمهورية الصومال الخارجة من رحمي الاستعمارين الإيطالي في الجنوب، والبريطاني في الشمال، بالإضافة إلى جيبوتي الفرنسية، وأوجادين الإثيوبية، وإقليم nfd في شمال كينيا، لكن الأمور لم تجرِ وفق أماني القوميين الصوماليين، بل وفق خارطة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وتوازن الرعب الذي استحكم في المعادلة الدولية، عطفاً على مركزي الثقل الكبيرين في الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفيتي. لم يستوعب الرئيس الصومالي محمد سياد بري آنئذ تلك الحقيقة الموضوعية، فاندفع نحو حرب الأوغادين، ضامناً نصراً عسكرياً ناجزاً، غير أن ذلك النصر سرعان ما تحوّل إلى هزيمة جرّاء المعاضدة السوفيتية لأثيوبيا، والتخلّي الغربي الناجز عن الصومال، ومن هنا بدأت تباشير المحنة وتحوّلت العودة المنكسرة من الأوجادين إلى نقمة شعبية سرعان ما عالجها النظام بشن حرب داخلية موازية على مدينتي هرجيسا وبرعو الشماليتين. لكن تلك التجربة الخائبة المريرة تكرّرت تباعاً في أكثر من بلد عربي، وكأننا مجبولون على إنتاج ما أنتجناه، والسير سوية على درب الدمار، وسنرى هذه التشابهات تباعاً، لنكتشف كيف نستنسخ بعضنا بعضاً. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك