تحتاج المرأة اليمنية بشكل أساس إلى مناخ مناسب يليق بحقوقها في الأحزاب والمنظمات ومؤسسات الدولة بصفتها على رأس البؤر المجتمعية الفاعلة في البلد من أجل المشاركة السياسية والمدنية والانتاجية كما ينبغي، غير أن القيمة الأهم في هذا السياق تكمن في ضرورة تفعيل حاجتها الملحة إلى ضمانات قانونية منصفة وشجاعة لا تجعلها ضحية الاستغلال فضلاً عن العنف المجتمعي أو الأسري أو المؤسسي. بمعنى آخر يجب الدفع الحثيث بقيمة دعم مشاركة المرأة في صناعة القرار والتحوّل الديمقراطي، كما يجب إدانة التهميش الذي يطال المرأة بشكل واضح من كافة قوى المجتمع. والمطلوب خلال المرحلة القادمة «دسترة المواطنة المتساوية، والتأكيد على عدم فرض الوصاية على خيارات المرأة في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية» ثم إن “هناك إرثاً من الطبقية والذكورية تجاه النساء يعيق بشدة من عملية استيعاب رؤى النساء والحركة النسوية في صنع السياسات والقرارات”. ويبدو معروفاً أنه “لم تصل نسبة تمثيل المرأة في البرلمانات المنتخبة إلى أكثر من 1 % في برلمان 1997م، تراجعت إلى 0.33 % في برلمان 2003م، بينما باتت سياسات الجماعات الدينية تُشكل خطراً على مستقبل الحركة النسوية والنساء عامة”. والواضح أن “الجهل والأمية من أهم الأسباب التي أدت إلى عدم تحسين الوضع الاقتصادي للأسرة في المجتمع، بحيث ينبغي في المقام الأول العناية الفائقة بالتعليم من حيث نوعيته وتطبيقاته الحياتية، والاهتمام بنوعية المدارس، وإعادة النظر الكامل في كافة المناهج التعليمة”. الثابت أن المرأة اليمنية تستمر في تقدمها النوعي بالرغم من كل معوقات الواقع المحبط، بحيث إن نضالاتها الدؤوبة والشاقة استطاعت أن تنتج عديد كوادر نسائية فارقة وملهمة على أكثر من مستوى؛ يأتي ذلك بمقابل أن إعاقات فرص المرأة في التمكين لصالح الرجل مازالت تتفاقم على أساس اضطهادي وتمييزي، ما يقودنا إلى أن نكون مجتمعاً مشيناً جداً، بعد أن صرنا لسنوات طوال في آخر البلدان من ناحية التنمية البشرية العادلة. لذلك كله يجب على الدولة سرعة استيعاب مدى حاجتها الكبيرة والخصوصية إلى الاهتمام النوعي الكافي بما يساعدها في بناء قدراتها التعليمية والعملية والصحية؛ باعتبار أن المرأة في المقام الأول هي الأكثر تضرراً من التهميش والفساد والمرض والفقر وحجم الأمية الرهيبة التي يعانيها البلد. على أن نهوض المرأة والتطور الثقافي المجتمعي قيمتان مكملتان لبعضهما، وعلينا أن نصحّح رؤيتنا للمرأة حتى تتجاوز كل المعوقات المتراكمة بالتنمية الذاتية والوعي السليم الناضج بما يليق بمكانتها العالية على أكثر من صعيد. ثم إنه برُقي النساء خصوصاً يمكن لمؤشرات التخلف في أي مجتمع أن تتقهقر، فيما لا يمكن لأي مجتمع يأمل بالتحول نحو الفاعلية الحقيقية إهمال معنى المرأة كرأسمال اجتماعي ذي دور محوري تأثيري في حركة التحديث والتقدم وتفكيك بُنى التمييز والتجهيل والانحطاط الراسخة. باختصار.. تحية شاسعة لكفاحات المرأة اليمنية العظيمة بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، ولنعمل على تعزيز مكانتها المستحقة بالطبع، ولنعتز بعطائها المجتمعي جيداً من أجل يمن سوي. [email protected]