«68» وبسبب التطورات السلبية التي شهدتها المنطقة اليمنية عقب حرب 1994م المعبرة بكثافة عن جشع القوى العسقبلية والتقليدية لابتلاع الثروة البازغة واستثمار الموقع الاستراتيجي للممر البحري الحيوي باب المندب والمضاربة بالأراضي المفتوحة، تفاقمت الأوضاع الاقتصادية للسكان عموماً ومورست سياسة الاقصاء السياسي والابعاد الإداري واسع النطاق مما أدى إلى استمرار مقاومة سياسة الابتلاع عبر الطرق السلمية والتي وجهت بشراسة التنكيل والقتل والتدمير وتحولت أراضي المحافظات الجنوبية إلى مسرح للجريمة الموجهة ضد الشعب. وفي ذلك الزمن الذي تلى الحرب وتحديداً في سنة 1997م اندلعت الاحتجاجات في حضرموت كرفض فعلي لتقسيم المنطقة إلى محافظتين، وهذه الاحتجاجات لم تتوقف عند المظاهرات بل ظهرت أول إشارة سياسية لقضية فك الارتباط الشامل مع سلطة صنعاء وأدى دفع هذا المطلب العلني إلى استنفار غير مسبوق والاستعداد العسكري والأمني لقمع القوى السياسية الداعية إلى فك الارتباط ومن نتائج هذه الدعوة : 1 استخدام القوة المفرطة وقتل مجموعة من ناشطي حضرموت. 2 اعتقال حسن باعوم الذي كان آنذاك عضواً في المكتب السياسي للحزب الاشتراكي وسكرتير الحزب في حضرموت و كان لتواطؤ قيادة الحزب الاشتراكي في صنعاء دور في وأد حركة المقاومة السلمية في حضرموت. وفي سياق تطور المقاومة السلمية في المحافظات الجنوبية لم يأخذ مطلب فك الارتباط طريقه إلى متن الأدب السياسي المتداول بين الجماعات السياسية الجنوبية، ومع تفاقم الأزمة بين المقاومة السلمية في الجنوب والسلطة العسقبلية في صنعاء حدث حراك لهذا المطلب محمولاً على: أولاً: تصدع في العلاقات السياسية بين حلفاء حرب 1994م بانسحاب التجمع اليمني للإصلاح من حكومة صنعاء وهي حكومة شكلية وكانت تسيطر عليها حكومة عميقة مكونة من الأجهزة الاستخبارية( جهاز الأمن السياسي جهاز الأمن القومي الذي تشكل سنة 2002م).. الثاني: ظهور تحالف سياسي من طراز جديد هو “اللقاء المشترك” المكون من التجمع اليمني للإصلاح + الحزب الاشتراكي+ التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري إضافة إلى تنظيمات هامشية وتصدر هذا المكون المعارضة السياسية وبناءً على رسالته الجديدة فقد قاد سلسلة من محطات المقاومة السلمية كان أهمها ما أطلق عليها “انتخابات الرئاسة” سنة 2006م.. الثالث: ارتفاع سقف المقاومة الجنوبية بظهور مكونات الحراك السلمي والذي بدأ نشاطاً جاداً في إطار شعار “حق تقرير المصير” وحينما ضاعفت السلطة من قمعها الأمني وعسكرة الجنوب انتقلت هذه الكيانات إلى مربع طلب الاستقلال المصحوب بثقافة الكراهية ضد كل ما هو شمالي إذ قابلته هستيرية عسقبلية بتحويل منطقة الجنوب إلى منطقة ذات صبغة حمراء دموية والدفع بكتائب العنف إلى المسرح الحربي تحت يافطة “تنظيم القاعدة”.. الرابع: تراكم سياسي وثقافي سلبي شوفيني وصل إلى ذروته تحت مسمى “فوبيا الوحدة” وهذه الحالة الثقافية تأتت من انهيار الوحدة السلمية والممارسات غير القانونية وحدوث الانقسام الاجتما جغرافي الحاد بين الشمال والجنوب.. الخامس: خروج الأمين العام للحزب الاشتراكي السابق علي سالم البيض عن صمته الذي فرض عليه بوصفه لاجئاً سياسياً في عمان واستئناف نشاطه السياسي المعارض للسلطة في صنعاء وإعلانه السافر عن “فك الارتباط” مع السلطة في صنعاء وأدى هذا الإعلان إلى تصاعد الاحتجاجات السلمية تحت قيادته، ودخلت الحركة السياسية السلمية مرحلة مفصلية لوحدة المكونات الجنوبية.. ....يتبع..