أن تكون يمنياً مرفوع الرأس؛ يعني أن تبني وطنك من الداخل بناء حضارياً قائماً على إرساء قيم الحرية والنهوض الحضاري ليكون مصدر فخر لك في الداخل والخارج بما يعنيه ذلك من تنامي مشاعر العزة والكرامة المقرونة بالفخر والاعتزاز بالانتماء إلى وطن مزدهر تصل أمجاد حاضره بعراقة ماضيه، ممتلكاً زمام المبادرة والاقتدار على استكمال عمقه الحضاري في حاضر متحرّك يومياً نحو الأمام، مدفوعاً بالإصرار على قهر التحديات والصعوبات، وفي مقدمتها صعوبات تعالي «الأنا» سواء الأنا الحزبية أم القبلية أو المناطقية، والانتقال من اللهث نحو مصلحة (الأنا) إلى مصلحة الكل بما فيهم أنا. تعالوا إلى كلمة سواء نبني اليمن الجديد وفق ما هو متفق عليه، ولنؤجّل ما اختلفنا عليه إلى المراحل اللاحقة بعد أن نكون قد فرغنا من تنفيذ ما هو مشترك؛ فنبني عليه اتفاقات قادمة على ما اختلفنا فيه بالماضي، عندئذ من المؤكد أن ما اختلفنا عليه في الأمس لن يعدو أن يكون اليوم سوى تاريخ نستلهم منه التجارب والعبر. وكذلك الحال ما نختلف عليه اليوم سيكون مجرد ماضٍ نستفيد منه في المستقبل، وكلما حقّقنا نجاحات في تجاوز ما اختلفنا عليه كان ذلك باعثاً لتنامي الروح المعنوية والسير قدماً إلى الأمام لتحقيق نجاحات إضافية. كفى مضيعة للوقت في الصراعات والحروب، ولنفكّر بعقل جماعي في مصلحة اليمن، مكانتنا من مكانة بلدنا صغاراً وكباراً، أغنياء وفقراء، رجالاً ونساء. انظروا إلى أنفسكم عندما يسافر أي منكم إلى أية دولة من دول العالم وطبيعة نظرة الآخرين إليكم سواء أكنتم مسؤولين أم مواطنين، تجاراً، أو مثقفين، أو رجال أعمال؛ إنهم ينظرون إليكم فقط على أنكم يمنيون، ويتعاملون معكم على أساس الوطن الذي جئتم منه مهما كان حجم ما تمتلكون كأفراد أو شركات من أرصدة أو أموال. قيمتكم من قيمة وطنكم، كلما كان آمناً، صحّياً، مستقراً اقتصادياً واجتماعياً كانت نظرة الآخرين إليكم مليئة بالاحترام والتقدير أينما حللتم، وبمجرد أن تطأ أقدامكم محطة أو مطاراً أو ميناء ذلك البلد؛ تصبح وثيقة السفر التي تحملونها بنفس قيمة الوطن الذي تنتمون إليه. هذا هو جوهر الكرامة التي ينشدها الجميع، أما الاستمرار في المراوحة والتراجع أكثر فأكثر في الأوضاع الراهنة؛ فإن ذلك يجعلكم عرضة لنظرات الرحمة والشفقة من الأشقاء والأصدقاء، ونظرات التشفّي والسخرية من قبل الأعداء..!!. ليكن المشترك الأول بين كل اليمنيين هو اليمن، وإعلاء قيم التعايش والتشارك على قاعدة التاريخ والجغرافيا، والثقافة،و الهوية وإن تعدّدت الهويات المناطقية؛ فما يجمعنا أكثر بكثير مما يفرّقنا من مقومات ومتطلبات العيش المشترك في هذا الوطن العزيز والغالي علينا جميعاً. دعونا نتفق أو نختلف من أجل اليمن، ونبحث فيما يجعل الطريق إلى بناء الوطن أيسر وأسهل، إن ذلك لن يتطلّب منّا أكثر من التضحية بالأنانية وتمجيد الأشخاص، لن يتطلّب منا سوى الارتفاع فوق جراحاتنا، وفوق مصالحنا الشخصية والحزبية والقبلية، والمذهبية الضيّفة، وفي المقابل سوف ينتقل بنا إلى آفاق رحبة من السلام الاجتماعي والأمن والاطمئنان على الحاضر والمستقبل. [email protected]