من المؤكد أن حياتنا اليومية تمرُّ بمرحلة أشبه بمرحلة الفوضى العارمة التي تأتي بعد معركة استنزافية لا ترحم، الأمر الذي أثّر تلقائياً في حياتنا اليومية حتى أصبحنا غير قادرين على ترتيب خارطتنا الزمنية والمادية، فكان أن انعكس ذلك على مسار بناء الذات لدينا. لذلك فإن الفراغ الحاصل في جانب التنظيم الذاتي للحياة اليومية يحتاج إلى إعادة ترتيب وتقوية تسمح للكثيرين من اليمنيين التحوُّل إلى حالة التأهيل الذاتي في جوانب كثيرة من حياته والتحوُّل إلى ما يشبه الولادة الجديدة للكينونة والثقة بالقدرة الذاتية على تخليق التغيير الضروري في الوعي والسلوك. ثقافة بناء الذات تحوّلت إلى علم وبرامج لابد أن يتم العمل على تحويل تلك البرامج إلى صديق يومي للإنسان اليمني حتى نساعده على تحقيق التحوّل والتغيير الذاتي والبدء في تفعيل ثقافة بناء الذات. قد يستغرب البعض من طرح مثل هذا الموضوع بحجّة أنه أمر طبيعي، نعم هو أمر طبيعي جداً لكنه شبه مفقود لدينا بسبب الفوضى الخلّاقة التي تجتاح حياتنا وتسهم في تخليق مضادات ذاتية تحول دون قدرتنا على تنظيم حياتنا لتواكب التحوّلات والتغيُّرات اليومية الحاصلة في الواقع. إن ذلك لا يعني العجز، بل الارتباك في إعادة قراءة القدرة والإمكانيات الذاتية وفق المسموح به مادياً ومعرفياً، بالإضافة إلى افتقاد البوصلة الجمعية التي تسهم بشكل كبير في تجاوز الفرد للحالات الاستثنائية في حياته. إن ثقافة بناء الذات أو ما يسمّى «بناء القدرات الذاتية» يجب أن تأخذ طريقها إلى التحوُّل الطبيعي على هيئة برامج مكثّفة تأخذ طريقها إلى الإعلام كبرامج يومية مرئية ومسموعة ومقروءة، بالإضافة إلى إنزال تلك البرامج بشكل مبسّط إلى المدارس والجامعات لتتحوّل إلى ثقافة. إننا نقرُّ بافتقارنا جميعاً إلى ثقافة بناء الذات التي تساعدنا في تحقيق نسبة النجاح المطلوب، وتعمل على استقلالية الشخصية والشراكة الاجتماعية الفاعلة، لذلك كان لزاماً علينا مراجعة هذا الجانب في حياتنا الشخصية والاجتماعية حتى نستطيع تجاوز العثرات الذاتية التي تلاحق الإنسان اليمني. لن نخسر شيئاً إذا ما سعينا إلى تفعيل تلك الثقافة وتدعيمها بالبرامج المختلفة، ويجب الاهتمام بها رسمياً واجتماعياً ضمن شراكة فاعلة ستحقّق الكثير من المكاسب وتساعد في تحقيق معدّلات النجاح والتحوّل على المستوى الفردي والجمعي. المؤسسات اليمنية على اختلافها معنية بإشاعة تلك البرامج ووصولها إلى أكبر قدر من المستهدفين داخل المجتمع حتى تتحوّل إلى ثقافة اجتماعية سهلة التعاطي والتفاعل. [email protected]