أمر محزن أن يكون اليمنيون شعباً يريد أن يعيش ويستقر ويتطوّر فلا يترك له هواة القتل والفوضى خياراً غير الموت هنا وهناك بالرصاص والمقذوفات, أو الموت كل يوم بالأهوال والأزمات والفتن وكبح جماح التطور؛ وكأن حياة هواة القتل وسعادتهم لن تتحقق إلا بموت الآخرين أو ضياعهم. لماذا لا يُترَك لليمنيين مجالٌ لممارسة حقهم في الحياة مثل غيرهم, فالكثير من شعوب الأرض يعيشون حياة آمنة مستقرة ليس فيها عنجهية جماعات العنف التي تريد الحرب ولا شيء غيرها, وكأنها كائنات مخلوقة من بارود وحديد ومواد متفجرة لا من لحم وبشر ودسم ودم؟!. صحيح أن الجريمة توجد في كل دول العالم بنسب متفاوتة, ولكن حيث توجد الجريمة توجد سلطة القوانين والدساتير وحق الدولة في استخدام العنف ضد كل من يهدّد أمن مواطنيها وسلامتهم على اختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم, فالكل من حق الدولة أن تحميهم, فكيف إذا كان من يتعرّض للقتل والتنكيل جنوداً أبرياء قنعوا بالقليل وهم يخدمون وطنهم بالحفاظ على الأمن والسكينة في مختلف ربوعه؟! أليس للشعب اليمني الحق في حياة الأمن والاستقرار, بعيداً عن شبح الفوضى والهمجية واستقواء جماعة بالسلاح لتشعل حرباً متى تشاء وتوقفها متى تشاء, وتعتدي على من تشاء وتهاجم من تشاء وتحرق ما تشاء وتؤدّب من تشاء .. إذ ترى نفسها فوق الشعب وفوق السلطة وفوق القانون وفوق الدستور وفوق المواثيق الدولية وفوق نتائج الحوار وفوق المبادرة وفوق الفوق؟. لدنيا اليوم بقايا دولة, ونحن نريد دولة حديثة ينبغي أن تتأسس على هذه البقايا, فكيف سيتحقق هذا الهدف والأساس يتعرّض اليوم لتدمير ممنهج, سواء ممن يهجم بالسلاح ليقتل المدني أو العسكري, أو بالسلاح ليحرق ويدمر, أو بالسلاح ليفجّر برجاً للكهرباء أو أنبوباً للنفط, أو بالسلاح ليقطع الطريق ويمنع وصول ناقلات النفط إلى المحافظات؟. كل من يصنع ذلك يريد هو ومن يقف خلفه أن يُربكوا الوطن عن تحقيق ما يريد الوصول إليه تحت لواء قيادته السياسية التي قادت وتقود مرحلة خطرة بحكمة واتزان, وبهذا يكون الإرباك هو الإرهاب, ولا فرق في هذه الحالة بين المُربك بوسيلة التطرف الديني وبين المُربك بغيرها من الوسائل, فكل من يقتل اليمنيين ويهدّد أمنهم ويعادي مستقبلهم المنشود هو الإرهابي. نحن لا نريد الحرب, فقوى الشر تريد جرّ الوطن إلى هذا المربّع, ولكن ينبغي أن يعلو الصوت الذي يقول: لا لاستعداء الدولة وجنودها ومواطنيها أياً كانت انتماءاتهم وعقائدهم وتوجهاتهم.. ينبغي أن توجد اليد الدستورية التي يراها الناس ممسكة على الزناد؛ لتحمي وتحرس وتهدّد وتؤدّب من لا يريد أن يفهم بأننا شعب لم يعد يقبل بمنطق العنف وسفك الدماء.. فهل أدركنا ذلك؟! [email protected]