خروج الحوثي الأخير كشف الجماعة وزعيمها على حقيقتهم، فلا يوجد سياسي يورّط نفسه ويستعدي كل الشعب بمجرد أن يقول: «أنا ممثّل الشعب، وأنا الشعب، ومن لا يؤمن فهذا السيف والرصاص»، لقد حشر نفسه في ورطة كبيرة إن لم نقل إنه حكم على جماعته بالموت والتلاشي، وهي طبيعة الجماعات المسلّحة التي تنتفش وتتلاشى بسرعة مصحوبة بغرور وحماقة تعتمد مواجهة الشعب وعلى العنف والإرهاب والطائفية المقيتة التي لا تعمل شيئاً سوى قتل التعايش وصناعة عنف وعنف مضاد وفوضى عارمة؛ وما العراق عنّا ببعيد، وهو ما يوجب مواجهة هذه النزعات الطائفية بكل قوة من الجميع. لم يعد أحد يقبل بمن يفرض رأيه بقوة السلاح؛ لأن وعي الناس بكرامتهم ارتفع وإدراكهم بحقهم في اختيار من يحكمهم أصبح عقيدة مرتبطة بحياتهم ،ولهذا نرى اليمنيين وهم يتركون كل خلافاتهم وراء ظهورهم ويصطفّون صفاً واحداً من أجل إنقاذ بلادهم ممن يريد أن يُدخلها إلى الكهوف وضرب الرؤوس وامتهان الحريّات ونشر الحقد الطائفي. لقد بحّت أصواتنا ونحن ندعو إلى مثل هذا الاصطفاف دون جدوى، ولعل هذه هي الحسنة الوحيدة التي ربما قدّمها الحوثي. لقد فشل أعداء التحوُّل المدني في كل مؤامراتهم أمام وعي الشعب وصموده، واليوم يلجأون إلى السلاح والتهديد به، متوهّمين أن الشعب سينصاع للتهديد والوعيد؛ وهو من قدّم قوافل الشهداء من أجل كرامته وحرّيته، ومستعد أن يقدّم بكل رحابة وكرم المزيد من التضحيات. هذه المظاهر الرعناء والحماقات التي ارتكبها الحوثي وخروجه الأخير إلى صنعاء تحديداً إنما تنمُّ على أنه خرج من الكهوف فعلاً، ولا يدرك ما دار ولا ما يدور ولا ما يستفز الشعب اليمني. رُبّ ضارة نافعة؛ لعل الحماقات ومحاولة استهبال الشعوب تدفع اليمنيين إلى الاصطفاف الدائم واليقظة؛ لأن اليمن لا يمكن لها إلا أن تنتقل إلى دولة مدنية ديمقراطية شعبية أو الهرولة إلى دوامة الخراب..!!. نحن فعلاً بحاجة إلى اصطفاف وطني؛ ليس ضد التخلُّف ومخلّفات الإمامة ولغة العنف والسلاح فقط، وإنما من أجل تحقيق عيش كريم وحرّية ومساواة ودولة يرتفع فيها شأن المواطن ويتسيّد فيها القانون, ووثيقة عمل الاصطفاف جاهزة وهي مُخرجات الحوار الوطني التي يجب توعية الشعب ببنودها، ثم العمل على تنفيذها وإزالة العقبات من أمامها، وأهم هذه العقبات هي مليشيات العنف والسلاح المرفوع في وجه اليمنيين شعباً ودولة. [email protected]