جماعة الحوثي ظاهرة قادمة من القرون المظلمة سببها غياب الدولة وترهل النخبة، وهي بالتأكيد من نوع الكوابيس المزعجة تحاول أن تظهر بثوب مدني في الإعلام لكنها لا تستطيع لأنها مهما تمدنت فهي معبرة عن التخلف ليتحول الأمر إلى مسخرة حقيقية.. المسخرة تنصب على أدعياء المدنية الذين يتمسحون بركبة الفرد ويندسون بين أكوام غريبة من البشر تحشر بالسيارات والبوابير إلى ساحة العاصمة من صعدة تحديداً ليقولوا بأنهم يمارسون اعتصاماً سلمياً وكأننا والعالم لايعرف مدى السلمية التي يحاول اختطافها لتوظيفها بعيداً عن أهدافها المدنية. أي سلمية «يبترع» أفرادها بالكلاشنكوف ويدسون في خيامهم أسلحة أثقل ويحاصرون الوزارات ويتحركون بسيارات عليها رشاشات بل يحفرون الخنادق والمتاريس، ويهدد زعيمهم بالحرب ووسائله الأخرى، وكأن هذه الحشود إعلان حرب وليس أكثر من الاستعداد للحرب والتخريب ... اعتصامات على هذا النحو المفخخ بالعنف حدثت في عمران. يتحدث الحوثيون بأنهم جاءوا إلى صنعاء ضد الجرعة ومن أجل الشعب، مع أن مفهوم الشعب عندهم هو السيد الذي يرفعون من أجله زاملهم اليوم «أمامنا عبدالملك وقائد حربنا الحاكم علي» ولادخل للشعب وهمومه لامن قريب ولا من بعيد، ثم يعودون ليتحدثوا عن مهمة استهداف «أصحاب النفوذ» وهي كلمة مخادعة يقصد بها الدولة ويراد منها تحييد الدولة واستغباؤها، أعجبه الحياد السابق أو الصبر والحلم أو سمّه أنت ماشئت؟ ... يمارس الحوثي عملية خداع مكشوفة، لأنه ببساطة لا يستطيع إقناع الشعب لابمدنيته ولا باعتناقه لمبدأ الجمهورية ولابسلميته فكل حركاته وتحركاته وتاريخه وحاضره تتحدث بغير ذلك، بالعنف والتخلف والأنانية المفرطة التي تعبر عنها نظرية البطنين والإمامة والتمايز على الناس كعقيدة وما عداه فخديعة وتقية وكل هذا لم يعد ينطلي على الشعب الذي خرج بما لم يخرج من قبل في تعز وإب والحديدة وذمار خروجاً حاراً يعكس يقظة ووعي وفيضان الكأس. اليوم ستخرج صنعاء لتقول كلمة واحدة «لست الشعب ياحوثي» تقولها صنعاءواليمن قاطبة، وزيارة لمخيمات الحوثي تعرف أن هؤلاء لادخل لهم بسكان العاصمة وليس أكثر من«شقات» وعكفة جمعوا من صعدة كمحاربين وحشود «فيد» ونهب مثلهم مثل الحشود الذين جمعهم الإمام أحمد في 48م لنهب صنعاء ومرة أخرى في حصار السبعين يوماً والذين جوبهوا بمقاومة من شلة من الشباب الوطني الذين كسروهم وكسرو احصارهم بقيادة الشهيد عبد الرقيب عبد الوهاب والشهيد محمد صالح فرحان والشهيد الآنسي وإخوانهم الذين بذلوا دماءهم من أجل اليمن والجمهورية كعنوان للحرية والكرامة والمساواة لشعب اليمن. لامكان لهذه الكتل المغيبة والغريبة ولا مجال لها في التحدث باسم الشعب وهي تعمل من أجل السيد وتحارب من أجل السيد وتقتل من أجل السيد وتدمر من أجل السيد ولا تسمع ولا ترى إلا بالفرد السيد وتستبدل الشعب بصنمية «السيد» وهي عين العبودية وقلب التخلف وأمر محزن ومقرف حقاً ومسخرة كبرى ولايمكن لهذه المسخرة السوداء أن تمر أو تستمر أو تكون حاملاً لهموم الشعب ولأفكار التنوير والسلام والمدنية والحرية والمساواة والتداول السلمي للسلطة. ومن ينطلي عليه ذلك إنما يدلل على أنه من سلالة المرتزقة والهمج والعاملين باليومية مهما لبس «الكرفته» أو تمنطق بالقرطاس والقلم ولا أعتقد أن هذا اكتشاف خطير لأنه حقيقة منطقية. [email protected]