بحق الدمِ اليمني المهدورِ، أوجدوا أية صيغةِ تتفقون عليها لتشكل وثيقة صلحِ ملزم للجميع، أتفقوا؛ فهواجس اشتعال جولة عنف جديدة أطبقت حصارها على آمال اليمنيين المكبّلة أصلاً ب«كلبشات» القوى الظلامية، وإن قُضيت هذه الآمال فإن «باب التجنيد» ستفتحه المليشيات المتطرفة بمصراعيه مستغلة اتساع قاعدة اليائسين، الذين سيكون من السهل فيما بعد إعدادهم كمقاتلين يسوقهم أمراء الحروب لتحقيق غاياتهم الدنيئة. اسوداد الأفق - أو تسويدها عمداً - لن يصل بِنا إلا إلى منطقة سوداء، تلعب فيها القوى الظلامية كيفما تشاء؛ حينها لن يكون هنالك مُتسع لندب الحظ ورثاء الأساليب التي كانت متاحة إلا أنها قُوبلت بالتجاهلِ والصد والتصعيد سيقودنا إلى التشرذم الذي لن ينجو منهُ أحد، وستحرق نيرانهُ الجميع. تحتشد الأسباب اليوم أكثر من أي وقت مضى، تدعو الجميع إلى تسكين مسببات التوتر، وتناديهم بأن يكفوا عن هذه المغامرات اللا محسوبة. الحرب أشد وطأة على اليمني من المآسي الاقتصادية، لكن بالنسبة لهواة القتل يغدو كل شيء سهلاً من استغلال معاناة الشعب إلى إراقة دماء أبنائه. هل يحتاج أمراء الحروب إلى المزيد من الدعوات الوطنية للصلحِ والاتفاق؟ ألا تكفي كل تِلك المبررات التي تكفي لحل عُقد أشد الأزمات تعقيداً لأن يعقدوا صُلحاً يعيد المياه إلى مجاريها..؟! تكفي اليمني معاناته؛ فلا تضيفوا عليها معاناة التفكّك والتشرذم والاقتتال. يكفي اليمني العبء الذي يحمله باصطبار اعتاد عليه؛ فلا تضيفوا عليه عبء الحرب. من أجل اليمنيين، من أجلكم أنتم أيضاً، لتنصتوا إلى صوت العقل. *** مثقفون من أجل الحرب!.. هل سيكون هذا هو إسم المنظمة التي ستلم شمل أولئك الذين يملأون صفحات الصحف والمواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي بدعواتهم الطائشة والنزقة يدعون بشكل صريح إلى إشعال فتيل الحرب، أو أنهم هم من يسعون إلى إشعاله. هكذا يتنازل هؤلاء «المثقفون» عن المسئولية الملقاة على عاتقهم باعتبارهم يشكّلون طليعةً مجتمعية، تعبّر عن رؤى المجتمع الذي سئم من هذا الخطاب الذي لا ينم عن مسئولية ولا حصافة تنازل عنها المثقف، فما بالك بذلك المسلّح المتربّص بلحظة سريان النار في الفتيل المؤدي إلى برميل البارود الذي يجد مكانهُ في الفراغ الذي يسببه الشرخ الضارب في كيان المجتمع. [email protected]