في الوقت الذي ينطلق فيه الطلاب والطالبات إلى مدارسهم في الريف والحضر بداية كل عام دراسي - والذي بدأ بالفعل مطلع الأسبوع الماضي هذا العام 2014 – 2015م - تتبادر إلى أذهاننا جملة من الأسئلة التي تخص التعليم العام وتحتاج منا إلى أجوبة، وأهمها ما يلي: كيف حال مدارسنا ومعلمينا ومناهجنا التعليمية هذا العام؟ ما هي الخطط والبرامج التي تحتاج إلى إبراز بداية كل عام دراسي؟ كيف سنواجه الأعداد الضخمة من الطلاب والطالبات الذين يحثون الخطى إلى المدارس؟ ومن المسؤول عن ازدحام الطلاب أو الطالبات في الفصول الدراسية؟ هل المعامل العلمية جاهزة لتؤدي عملها بإتقان من أول يوم؟ لماذا يُسجّل معظم الآباء أولادهم أو بناتهم في مدارس خاصة أو أهلية ويعزفون عن المدارس الحكومية؟ هل المدارس الخاصة تهتم بالتعليم أكثر من المدارس الحكومية؟ ما دور الموجهين والإدارات المدرسية والتعليمية في العملية التعليمية؟ ولماذا يتم إصدار قرارات توجيه لمعلمين ذوي خبرات عالية ويُترك الطلاب أو الطالبات مع معلمين أقل خبرة ودراية في التعليم وخاصة في الصفوف الأولى؟...إلخ. أسئلة كثيرة تجعل الحليم حيراناً والعاقل مستغرباً من واقع تعليمي يمني أنهكته قوى تجهيل المتعلمين وجعلتهم فقراء العلم والتعليم ومجرد متلقين لا منتجين، في الوقت الذي تفاخر دول العالم بالتعليم وجودته ونهضته، وتلك الأسئلة لم تكن عبثاً بل فرضها هذا الواقع وظهرت متخوفة من تصريحات وتقارير وإحصائيات تبيّن واقع التعليم في اليمن؛ إذ تبين الحقائق الدامغة واقع هذا التعليم بما يلي: في موقف صريح وجريء قال وزير التربية والتعليم الدكتور عبدالرزاق الأشول أبريل الماضي: “إن 126 ألف معلم يعملون في حقل التعليم لا يحملون شهادات جامعية، وإن 98% من المدارس دون معامل حاسوب ومدرسي علوم ورياضيات، فيما 16 ألف مدرسة تحتاج إلى ترميم و300 ألف طالب وطالبة يدرسون في العراء ولا يمتلكون مبنى مدرسياً”. هذا الموقف الجريء يثبت لنا أن الوزير المذكور أتى على تركة ثقيلة ومحزنة، الجميع يعلم من أين ورثها، لكن - والحق يُقال - من وقت مجيئه لم يقف مكتوف الأيدي بل أكد أكثر من مرة أن الوزارة تعمل على إصلاح الاختلالات التعليمية، ونتمنى الآن أن توجد الأرض الخصبة لاحتضان النزيهين والخيّرين لتنبت تعليماً قائماً على: “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”. ولم يكن الوزير وحده قد كشف القناع عن هذا الواقع بل في تقارير وإحصائيات البنك الدولي نقرأ ارتفاع نسبة الإنفاق على التعليم لكنه لا يعمل على تحسين جودته، وعدم اختيار الكفاءات أثناء التوظيف في وزارات التعليم الثلاث: “التربية والتعليم، التعليم الفني والمهني، التعليم العالي”، ونقرأ: الفساد المالي والإداري في المؤسسات التعليمية وبيع الدرجات الوظيفية والشهادات وازدياد ظاهرة تزوير الشهادات من المشكلات التي تواجه الإدارة التعليمية للمؤسسات في اليمن.. وغير ذلك من القراءات التي لا يسمح لنا المقام بذكرها، ويؤكد عدد من أولياء الأمور أن المدارس الحكومية لا تؤدي دورها كما يجب؛ بسبب عدم المتابعة وعدم تأهيل المدارس وفق مقتضيات الواقع ومتطلبات العصر – إلا ما ندر – والإتيان بمعلمين أقل كفاءة وقدرة تعليمية ويتركونهم يدرّسون في الصفوف الأولى، ناهيك عن الأعداد الضخمة للطلاب والطالبات ولم توجد آلية مناسبة لاحتوائهم وخاصة في الأرياف، الأمر الذي يجعلهم يتجرّعون الأمرّين؛ إما تسجيل أبنائهم في مدارس خاصة أو أهلية بغض النظر عن التعليم فيها والأموال الباهظة التي تتقاضاها، أو مرارة البقاء مع العدد المهول للطلاب في المدارس الحكومية التي لا توجد فيها آليات تصحيحية استيعابية وتعمل على تجهيل المتعلمين. من أجل ذلك كله يجب أن نعلم أن ما سبق ملخص بسيط لواقع التعليم العام في بلادنا، وليس الهدف منه نكء الجروح وفضح المستور، بل الهدف تشخيصي، ومعرفة الداء قبل الدواء، الأمر الذي يدعونا جميعاً إلى النهوض بالتعليم العام من خلال: استئصال الأسئلة والمشكلات التعليمية التي تقصم ظهر التعليم ووضع الحلول المناسبة لها، وأن يكون دافع المسؤولية حاضراً عند كل من له صلة بمؤسسات التعليم ابتداءً بالبيت فالمدرسة فالمعهد أو الجامعة، وأن يكون الطلاب والطالبات متابَعين ضمن دائرة تعليمية مكتملة ومغلقة نقطة تماسها الآباء والمعلمون والموجهون ومديرو المدارس والأعلى فالأعلى إلى رئيس الجمهورية بشكل عام، ومحور ارتكازها معلمو أو معلمات الصفوف الأولى بشكل خاص، وذلك يدعونا إلى الاهتمام بطلاب وطالبات الصفوف الأولى في جميع مدارس الجمهورية؛ كون الصفوف الأولى محوراً مهماً في دائرة العملية التعليمية ونهضة اليمن الحديث، ولأن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر - كما يُقال - واليمن لا يمكن أن يزدهر إلا بالتعليم والتعليم فقط..! [email protected]