يحتاج الناس إلى تجاوز وجهات الاختلاف، والتوجه نحو نقطة الالتقاء المتفق عليها - الجانب الإنساني، وترك الآخرين لقناعاتهم. الرؤى المتقاربة ليست بالضرورة أن تكون في إطار المجتمع الواحد، أو المعتقد الواحد حين وقوع الاختلافات، ففي التقارب مع وجود الاختلاف الكامل مثالاً للحرية الفكرية، والقناعة الإنسانية في المعتقد الديني، والتوجه السياسي، والوضع الاجتماعي. سمعت حديثاً لأحد السلفيين عبر فيه عن انطباع مختلف بما يصدر عن فئات التطرف بتعدد مسمياته، تمنيت لو كانت تلك الصورة المنقولة تغلب في الظهور لترسخ المساحة الكبيرة من الحرية والإنصاف، والمثل الدينية التي يجب أن تعيها العقول القابعة تحت العمائم أو مدعو التحرر السياسي الديني. فحوى حديثه أن الإنسانية والأديان ترفض إهانة (الإنسان) مهما كان فعله، والعدالة هي من تتكفل بجزائه، فما بالك بالاقتتال والنزيف الدموي في كل بقاع الأرض، وعلا ماذا؟! سوى اختلالات وخروج عن المسار الحقيقي لمعاني الإنسانية، والتسارع نحو تسيد الموقف على حساب الدين والأخلاق والأوطان، ثم ضرب مثالاً لقوله، الأوضاع في كل العالم نازفة بالمساوئ، لكن لا يمكننا أن نلغي الجانب الحسن حتى ولو كان بنسبة أقل مؤكداً الوضع السوري قبل الأحداث الجارية: (أنظروا إلى سوريا - دولة تمتلك مخزوناً بشرياً ناهضاً وقف على قدميه صناعياً وحرفياً، حتى النظام الذي يُطلق عليه (بالنظام العلوي) لم نر منه انتهاكاً طائفياً تحت مسمى (سني، شيعي)، ولم يقف أمام المعتقدين مع أحدهما ضد الآخر، يقف الأسد في صلاته ضامٌ يديه، ومفتي سوريا سنياً، والمساجد في سوريا تزخر بأسماء الصحابة وبحرية السنة وتوجهاتهم، إنها الحرية الدينية للطائفة الدينية، حتى شيعة سوريا يتلاقون مع السنة في التوافق الإنساني واحترام الآخر ومعتقداته مع وجود التوجه الديني الطائفي، حتى جاء إعصار الدمار ليشمل كل المجتمع السوري ليبرز المشهد طائفياً. يضيف برغم أني لا أمتلك فنون سياستكم في واقعكم السياسي، فإن ما يتردد أن في سوريا شيء من الديكتاتورية السياسية فإن ضررها ليس بالضرر الحاصل (كانت هنا سوريا) فهل الحاصل بأحسن مما كان؟، تلك النقاط التي وضعها كانت في رؤية متقاربة كبيرة مع (مسيحية) طرحت رؤيتها بنقاط منصفة من وجهة نظري قائلة: (لا يمكن تبرأة أية نظام من الوقوع في سليبات الحكم، والنظام السوري هو بلا محالة له أخطاؤه السياسية في الدولة والمجتمع، لكننا ننظر إلى جانبين في تسيير دفة الحكم وفي إشارة إلى حاجة الإنسان كما يذكر قرآنكم: (الذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوف) شقي الحاجة هنا وجدت في المجتمع السوري مع عدم التبرير في وقوع الأخطاء، ولم يكن كفيلاً وصائباً اتخاذ القرارات التي أوصلت سوريا إلى حالها الآن وبحكم أني مسيحية إلا أني أقف هناك مع كل حق مكفول سياسياً ودينياً لكل إنسان، لأن الرؤية العالية من وجهة نظري هي (الرؤية للإنسان كإنسان) له كرامة الحياة. إن كانت تلك الرؤى تلتقي في نقطة ارتكاز واحدة فإن ما يحصل من مساوئ الحكام في فساد المال، والأرض، والدين، والسياسة أمر مرفوض إنسانياً، ولا يوجد مبرر لشرعنة تلك الأفعال ولكن الحياة يجب أن تكون بالعدالة الاجتماعية، والرؤية الإنسانية وفوق كل اعتبارات الواقع. [email protected]