تقاسم العالم جغرافياً، تقاسم مصادر المواد الأولية، إعادة تقاسم العالم جغرافياً بواسطة الحروب بين الدول القومية الكبرى من أجل الاستحواذ على المواد الأولية ذات القيمة النقدية العالية، تقسيم العالم جغرافياً ليسهل إخضاعه لكبرى الشركات الرأسمالية ما فوق القومية وعابرة للقارات، هذا التقاسم والتقسيم تم ولايزال يتم بين الدول القومية المتعولمة وبين الاتحادات الصناعية والتجارية والمالية. وفي المنطقة المحلّية جرى التقاسم وفقاً لمبدأ العصبية القبلية، فبعد حرب 1994م قسّمت المنطقة بين أعضاء الصف الأول للطُغمة العسقبلية إلى أربع ضيع “مناطق عسكرية” يتصرّفون بكل شيء بحسب مصالحهم وأمزجتهم المتركزة بجني الثروة من التجّار والاستيلاء والمضاربة بالأراضي والعقارات والتعامل مع جماعات التهريب المنتعشة بفضل شراكتهم وحماية قواتهم للمهرّبين ذائعي الصيت في سواحل تعز وبحر العرب..!!. وفي 1999م تمّت إزاحة ركن من أركان الطُغمة واستبداله بشخص من الجيل الثاني ولكن ضمن تقسيم جديد للقوات المسلّحة والأمن، حيث أضحى الحرس الجمهوري والقوات الخاصة “تسمية جديدة” ذات المهام المتعدّدة والنوعية المنوطة بها حينذاك حماية كرسي الرئاسة من أي هجوم من الداخل، ولأغراض تنفيذ المهام تم التخلُّص من بعض أعضاء الجيل الأول باستخدام استراتيجية الإزاحة القسرية القاسية، وأضحت «الفرقة الأولى مدرّع» وتمتلك اسمياً آنذاك 23 لواء عسكرياً بموازنة منفصلة وضخمة، وشكّلت معضلة من معضلات الفساد؛ بينما وصلت أعداد ألوية الحرس الجمهوري بحسب التقارير الصحفية إلى 33 لواءً عسكرياً تقريباً وبموازنة ضخمة تفوق موازنة «الفرقة أولى مدرّع» أما بقية القوات كالقوات الجوية والدفاع الجوي والمناطق العسكرية فقد تراجعت إلى المرتبة الثانية من حيث الأهمية والمهام. وحصيلة هذا التقسيم هي وجود الانقسام وفقاً لاتفاقية التقاسم المبرمة عشية 17778م، غير أن تراكم الثروة المالية من الفساد وبروز الأطماع دفع بالجيل الأول إلى التفكير في الجمع بين السُلطة والتجارة القانونية عبر «نشل» الوكالات من التجّار التاريخيين أو عبر التجارة غير القانونية، وهذا العامل فجّر الصراع الداخلي بين أفراد الجيل الثاني الذي وجد له صدى وتناغماً مع الجيل الأول الذي وجد نفسه أيضاً في بحر من الحُلبة أدّت بالضرورة إلى تفشّي الانقسام وظهور القوات المسلّحة والأمن في تلك الفترة بوصفها ضيعاً مملوكة، ومنتسبيها مملوكين ومجبورين على العمل بنظام الولاءات القروية والقبلية والمناطقية؛ وهلمّ جرّا من الولاءات لمن يدفع أكثر وبصورة مستمرة..!!. وأستطيع القول إن القوات المسلّحة ما قبل 22 مايو 1990م وما بعد 1994م هي عبارة عن مكوّن لا فقري كشفته وبشفافية المواجهات العسكرية الست في صعدة 2004 2009م، وفي 21 مارس 2011م جهّزت الأطراف المتصارعة على النفوذ في إطار الطُغمة العسقبلية منصّات الانطلاق لتصفية الحسابات؛ وكانت الانتفاضة حاملاً لمسرح العمليات العسكرية المتبادلة التي بدأت في 23 مايو 2011م ووصلت إلى طريق مسدود في 3 يونيو 2011م. ومع بداية التمرّدات العسكرية والأمنية التي تصدّرها 400 جندي مع أحد الألوية العسكرية الذين هاجموا مبنى وزارة الدفاع آنذاك؛ كانت القوات المسلّحة والأمن مكشوفة الظهر ولا تخضع عملياً لأية عقيدة عسكرية وتفتقر إلى الضبط والربط العسكريين، واستهواها الاصطفاف القبلي والمناطقي كملاذ من الارتدادات والعقوبات المستقبلية. وخلال تلك الفترة لم يتم تحقيق البند “17” الذي يقضي «بتهيئة الظروف» فهذه الظروف غابت كلياً ودخلت بيئة الخلق في أتون الفوضى العسكرية والأمنية؛ حيث لم تستطع القوات في الميدان حماية شبكة الكهرباء التي تُضرب يوماً لأكثر من مرتين ولا حماية فرق الصيانة، ولم تستطع حماية المنطقة الثانية والسادسة..!!.