ثمّة واقعة طريفة حدثت لي والسيدة أروى عبده عثمان نهاية العام 1999م تجعلني أراهن - وعلى غير عادتي - بأنّها ستعيد إلى وزارة الثقافة روحها وبأبسط الإمكانيات. وموجز القصة هو أننا ومجموعة من كتّاب وكاتبات القصة؛ وبعد أن انتهينا من الإعداد والتحضير لإقامة المهرجان الأول للقصة؛ فوجئنا بأروى تفزع محتجّة بأن قاعة اتحاد الأدباء والكتّاب في صنعاء والتي ستُقام فعاليات المهرجان فيها غير نظيفة، واقترحت بأن نقوم بتنظيف أرضية القاعة بالماء والصابون وتلميع الكراسي والجدران..!!. تحمّسنا للفكرة، الغربي عمران وزيد الفقيه ومها ناجي صلاح وريا أحمد ووجدي الأهدل ونورا زيلع وظللنا حتى وقت متأخر من الليل ننظّف القاعة، ولم نتوقّف إلاّ وقد تحوّلت الأرضية من شدّة نظافتها كأنها مرآة أرتنا وجوهنا الملطّخة بالماء والصابون. بإمكانيات بسيطة حوّلت أروى قاعة ملطّخة باللبان والأوساخ وكراسي معبأة بالأوساخ إِلَى جنة صغيرة؛ عملت بدأب شديد هي والبقية، دأب لم يفضحه سوى كسلي، فقط بثلاث دلو ماء وثلاث علب صابون تكفّل الغربي عمران بقيمتها من حساب نادي القصة. *** هذه هي أروى عبده عثمان؛ تعمل من أجل الثقافة والتنوير بلا كلل ودون مطامع، وتعيينها مؤخراً وزيرة للثقافة لا يعني إلاّ أن روح الثقافة ستعود إِلَى الثقافة. ولأن “المهوشلين” و“المرضى” و“ذوي العاهات الفكرية” كثر ولا يسرّهم مطلقاً أن تصل بنت المشاقر إِلَى الوزارة بدأوا ومنذ الساعات الأولى لإعلان اسمها وزيرة للثقافة بشن حملات مسيئة في حقها؛ أدرك جيداً أن الأمر لن يهمّها، لأن من عرفتها طيلة العشرين عاماً الماضية حاملة مشروع التنوير والثقافة ستصل بسفينة الثقافة التي انتظرنا إبحارها عقوداً طويلة إِلَى شاطئ التنوير. لقد جرّبنا في الوزارة طيلة السنين الماضية وزراء لا يمكن وصفهم سوى ب«البلايا» الأول عنصري مقيت كرّس الوزارة لأقاربه، والثاني طبقي أحمق، والثالث محابي أفّاق، والرابع منافق غبي لا يدرك الفرق بين العمل الإداري والإبداعي، والخامس طيّب إِلَى درجة سهل استغلاله من قبل الفاسدين، طبعاً اشترك الكل في نقطة واحدة ألاّ وهي الفساد والإفساد المالي..!!. جرّبنا كل هؤلاء الوزراء ولم نجد الوزارة سوى من موات إِلَى موات؛ لا مناشط، لا إصدارات، لا مخطوطات، لا آثار، لا، لا أحد، لا أحد سوى الفساد والإفساد. والآن نفس هذه الأصوات التي ترى في وجودها على سدّة الوزارة ضرراً عليها؛ بدأت منذ الساعات الأولى لإعلان اسمها ضمن التشكيلة بشن حملات تسيء إليها. يا أروى.. أنتِ لم تتعرّضي في السابق لأي حملات؛ لأن مناشطك الثقافية كانت محدودة وليس لأصحاب الكروش والعروش مصالح فيها، وَلكِنّ الآن أرجو أن لا تؤثّر عليك تلك الحملات، احملي مشاقر الحب والياسمين، وأعيدي إلى الوزارة روحها. ولأني محسوب موظف، فلا أدري هل يمكنني المساهمة في إحيائها بالإمكانيات البسيطة، أم أن الكسل الذي طاردني أثناء تنظيف قاعة الاتحاد سيطاردني إِلَى الأبد..؟!. [email protected]