التوافقات السياسية بين بعض القوى المختلفة لا يمكن أن تحقق القبول الشعبي، لأنها تمثّل تكتلات أقل ما يُقال عنها إنها نفعية تبحث عن مصالحها ولا تُلقي بالاً للصالح العام، والسكوت الذي يُقابل تلك التوافقات لا يعني أنه قد منحها الشرعية، لأن سكوت الشعب يرجو من خلاله أن تصل تلك القوى المتصارعة إلى كلمة سواء تجنّب البلاد والعباد الصراعات الدموية، ولذلك يعتبر الفكر السياسية القديم والمعاصر أن تلك التوافقات معروفة بفترات زمنية معينة، وقد تستمرىء بعض القوى السياسية الاستمرار في التوافقات ويصبح همّها هو إنجاز الاتفاقات التوافقية والسبب في بروز هذه الحالة غير الطبيعة هو أن بعض القوى لا تؤمن بالتداول السلمي للسلطة، بل إنها تعتبر الشعب قاصراً، وأنها الوصي عليه، الأمر الذي يؤدي إلى الرفض المطلق والمطالبة المستمرة بالتعجيل في الانتخابات ليتمكن الشعب من حق الاختيار الحر. على القوى السياسية التي لا تؤمن بالديمقراطية والانتخابات أن تدرك أن الشعب لم يعد يقبل الوصاية من أحد لأنه مصدر السلطة ومالكها ومن حقه المطالبة المستمرة بإجراء الانتخابات العامة الرئاسية والنيابية والمحلية، ولا يجوز بأي حال من الأحوال مصادرة حق الشعب من أجل إرضاء قوى سياسية لا تؤمن بحق الشعب في امتلاك السلطة وممارستها على أرض الواقع. إن مفهوم الوفاق السياسي لا يحقق القدر الكافي من الشرعية التي تُسهم في تحريك عجلة التنمية المستدامة، وقد بات لازماً على كل القوى السياسية أن تحترم إرادة الشعب وتتجه صوب الانتخابات العامة، لأنها الضمانة الأكيدة التي تحقق القبول الشعبي، ثم الرضا الذي يعزّز الوحدة الوطنية ويصون الحرية والكرامة، ونحن على يقين أن القوى التي مازالت تتخوّف من الانتخابات ستجد نفسها في الانتخابات، لأن الانتخابات هي الحالة التصالحية مع الشعب. إن إصرار بعض القوى على العبثية والفوضى لن يحقق الأمن والاستقرار، ومن أجل ذلك ينبغي الاتجاه نحو الشعب وخطب ودّه من أجل حياة سياسية آمنة ومستقرّة ومتطوّرة تحقق الخير العام للناس كافة وتعزّز روح المسئولية الوطنية بإذن الله.