نجد إن البعض ممن كانوا أدوات نافخة لكير الفتنة قد تحوّلوا إلى وعّاظ، ودعاة شراكة وسلام وطني، فإن ذلك من علامات التعلّم من مدرسة الحياة، والبعد عن التعبئة العدوانية التي عانى منها الوطن والسموم التي نفثوها من 2011م وحتى الإقلاع عن الإثارة, وهذا بحد ذاته يعطي قدراً من الأمل في العودة إلى جادة الصواب والإقلاع كلية عن الادعاءات الباطلة أياً كانت والعصبية الجاهلية والغرور الذي دمر أصحابه وأصابهم في مقتل وكاد يقضي على وجودهم الانساني بسبب التعدّي السافر على مكارم الأخلاق وحالة الحقد والكراهية التي عملوا على زراعتها في النفوس الضعيفة. إن من موجبات العودة إلى جادة الصواب الإقلاع عن التعبئة الحاقدة والسعي بنية صادقة وأمينة إلى محو آثار ما زُرع خلال الأزمة الكارثية والعمل على إبطال مفعول الحقد والكراهية والتفرقة المذهبية والعنصرية والمناطقية والقروية التي كادت أن تحقق أهداف أعداء اليمن في التشظي والانقسام, وبات من حق الوطن على الذين مارسوا العقوق والفجور ضده أن يصنعوا قولاً وعملاً يخلّص الأجيال من أسباب الإثارة الحاقدة التي أثّرت على النسيج الاجتماعي ومزّقت الأُسر وخلقت العداوات وأحدثت القطيعة وباعدت بين المكونات المجتمعية وزادت النار اشتعالاً, وهم اليوم أمام ضمائرهم لمحاسبتها وتصحيح ما حدث من الفجور في الخصومة, وليس عيباً كما أشرنا سابقاً التراجع عن الخطأ ولكن العيب كل العيب هو في الإصرار الفاجر على الخطأ. إن العودة إلى منهج الحوار واحد من المؤشرات الايجابية أن القوى السياسية المتصارعة على السلطة قد بدأ ضميرها يستعيد حيويته ونشاطه، وأن عوامل الاغراءات والغرور والمكر والفجور في الخصومة قد بدأت تزول, وأن النزول عند إرادة الخير والسلام والشراكة الوطنية الواسعة والاعتراف بالآخر وعدم الإقصاء والاجتثاث والإبعاد قد غابت شمسها ولا سبيل مطلقاً للعودة إلى تلك الأساليب الفاجرة, وأن الإيمان بمبدأ التداول السلمي للسلطة عبر آليات العمل الديمقراطي من أجل إرساء تقاليد حضارية وإنسانية جديدة بات اليوم هو عنوان القوى السياسية المتصارعة على السلطة. إن تحوّل الحوار من المدفعية والبندقية وأدوات القتل والفجور إلى حوار العقول والأفكار واعتماد آليات التداول السلمي للسلطة من أكبر مطالب الشعب اليمني الذي يرفض أساليب القهر والإذلال والانقلاب على السلم الاجتماعي, ومن أجل ذلك نقول للقوى السياسية التي تصارعت على السلطة إن الباب مفتوح أمام الإقلاع عن عقوق الوطن, وينبغي العمل على ما يمكن أن يحقق الخير والسلام للناس كافة، والوطن اليمني الكبير يتسع للجميع - دون استثناء - مهما كان عقوقه ليصبح الولاء الوطني عنوان الجميع بإذن الله.