العودة إلى الحكمة ومنطق العقل في التعامل مع الأحداث السياسية بإيجابية مؤشر على الرشد السياسي الذي ينبغي أن يكون هو السائد على الساحة العربية، وأن تدرك الدول العربية كافة أن قوتها في وحدة الإرادة السياسية العربية، وأن الحفاظ على المصالح المشتركة لمكونات الوطن العربي ينبغي أن يكون القائد الاستراتيجي الذي يحجم السفور السياسي الذي يتجاوز في أغلب التصرفات السياسية مفهوم المصلحة القومية المشترك، وينغلق في أضيق حدوده العربية ظناً من صانعي القرار في هذا الاتجاه أن مصالحهم خارج مكونات الوطن العربي هي حصنهم المنجي لهم دون أن يدركوا أن قوة الوطن العربي في وحدة المصالح العربية والإرادة السياسية ودون الاستفادة من تجارب التاريخ التي أثبتت أن الاستقواء بالعدو ضد التوحّد العربي مذلّة وانكسار، وأن تغذية الصراعات من أجل منع الوحدة العربية عار يُلاحقهم إلى الأبد. إن صورة المشهد العربي الذي ظهر في التعامل مع الأزمة اليمنية من 2011م أعطى صورة قاتمة في تحليل الظاهرة السياسية من خلال التسابق الإقليمي المصحوب بالنوايا السيئة التي عبّرت عن ذاتها الجاهلة، وغير البالغة للرشد السياسي الذي يحقق الحفاظ على اللبنة الأولى في صرح الوحدة العربية التي تنشدها الشعوب وهو الوحدة اليمنية، الأمر الذي يجعل الفكر الاستراتيجي للشعوب العربية يتقدّم على الفكر المتخلف لصنّاع القرار العربي الذين لم يتجاوز تفكيرهم أعمارهم الصغيرة التي جعلت من أنفسهم أدوات إحباط وتدمير للمشروع العربي النهضوي الذي بدأه اليمنيون في 22 مايو 1990م عند إعلان إعادة وحدة اللحمة اليمنية الواحدة والموحدة التي أعادت الأمل في نفوس الأحرار العرب للتخلّص من التبعية والانكسار العربي. إن التعامل مع الأزمة اليمنية الراهنة ينبغي أن يكون قائماً على الحرص المطلق في الحفاظ على الوحدة اليمنية وعدم التفريط في قدر الأمة العربية ولا يجوز أن يكون التعامل من باب المهانة وإشعال الفتن وتغذية الصراعات واستثمار الفاشلين من أجل إحباط النهوض اليمني الذي يحقق الاستقرار السياسي الذي يعزّز حماية المصالح المشتركة في العلاقات الدولية ويحول دون التشظي والانقسام، وليدرك الجميع أن ذاكرة الشعب اليمني شديدة الحرص على متابعة المواقف وتحليلها ومعرفة اتجاهاتها، الأمر الذي ينبغي معه احترام الإرادة اليمنية الواحدة والموحّدة التي تحمل مشروع التوحّد العربي الذي يحقق الكرامة العربية بإذن الله.