تمر الثقافة العربية بمنعطف خطير .. لما تواجهه من تحديات جسام وخطر كبير .. في هذه المرحلة من تاريخ الأمة العربية .. فالوطن العربي يواجه أوضاعاً عالمية .. تهدد هويته الثقافية .. سواء بالانعكاسات المباشرة أو غير المباشرة ... وتضرب حصاراً على التراث والحضارة .. والقيم العربية الأصيلة .. والأخلاق السامية النبيلة .. التي تضرب جذورها في أعماق تاريخ الأمة العربية والإسلامية.. وتلك الأوضاع العالمية .. نتاج لصراع الحضارات وحرب الأفكار .. التي تطغى على العالم والهيمنة واضحة المسار .. والسعي الحثيث للقضاء على تعدد الثقافات .. الذي تخطط له العولمة المتوحشة لتحقيق هيمنة ثقافية أحادية لا تعترف بالخصوصيات والهويات .. والليبرالية التي تدعو إلى جعل الثقافة سلعة تجارية .. دون اعتبار للخصوصيات الثقافية لكل بلد على ظهر الكرة الأرضية .. على الرغم من أن التنوع الثقافي يعتبر ضرورة من ضرورات العصر .. في كل مصر .. لكن هذا الطغيان الكاسح يحقق مراميه وأهدافه .. بطرق عديدة وأساليب مختلفة .. حيث سادت الثقافة الاستهلاكية التجارية.. وطغت على الساحة الثقافية والإعلامية العربية في ظل حالة من الاستكانة والاستسلام والسلبية .. وفي ظل التهجم الظالم على الحضارة العربية والإسلامية تحت ستار التصدي للإرهاب وادعاء نشر الديمقراطية.. ويبدو أن هناك بداية صحوة عربية وتغيرات ملموسة في العمل الثقافي عربي الهوية .. ولكن لابد أن يدرك المثقفون والفنانون الأحرار .. أن الثقافة باستمرار .. تظل في طليعة المواجهة التي تستهدف الثقافة العربية الإسلامية ، ولذلك يجب أن يعمل الجميع من خلال الإبداعات والأعمال الفنية .. بمزيد من الحيوية .. انطلاقاً من القناعة التامة بواجب المحافظة على خصوصيات الثقافة العربية في أعمالهم الإبداعية للتصدي لمختلف التحديات .. ليشكلوا خط الدفاع الأول في هذه المواجهة بكل ثقة وثبات .. ولكي تتحقق تلك التطلعات .. لابد من الاهتمام بالإبداع العربي وتشجيع المبدعين .. وتقديم الدعم والمساندة لهم أجمعين .. إيماناً بأهمية الدور الطليعي للمبدع العربي والفنان .. كما يجب وقوف المنظمات والاتحادات العربية المتخصصة ذوات الشأن .. التي تمثل ضمير ووجدان الأمة وطليعتها .. أمام ما تواجهه الثقافة العربية من تحديات لها سطوتها .. ومن البديهي أن توفير الإطار المناسب للإبداع .. بشكليه المادي والأدبي يجعل الفن أحد العوامل الرئيسية في الدفاع عن كيان الأمة في هذا الصراع .. وفي هذه الفترة العصيبة من تاريخ العرب والمسلمين في مختلف الأصقاع .. وستظل تلك التحديات التي تواجه الثقافة العربية تشكل تهديداً واضحاً للوجود والكيان والهوية العربية والإسلامية إذا لم يتم التعامل معها بحس قومي متوهج وعقلانية .. في إطار استراتيجية عربية ، وخطط ذات أهداف جلية .. إضافة إلى استخدام الوسائل المناسبة المختارة .. وفق الأفكار المستنيرة التي يمكن من خلالها تحقيق الأهداف والطموحات المنتظرة .. وكل ذلك يستوجب امتلاك القدرة على مواجهة التحديات بقوة وحكمة .. والتأكيد على أهمية توحيد الكلمة .. وتعزيز وحدة الثقافة العربية ودعم العمل الثقافي العربي المشترك بصورة دائمة .. وضرورة حماية وصون التراث الثقافي والحضاري للأمة .. وكذلك العمل بجدية .. للنهوض بقطاع الصناعات الثقافية .. وإقامة سوق عربية مشتركة يمكن عبرها كسر الحواجز والقيود .. لانتقال الإنتاج الثقافي والفني في البلاد العربية دون حدود .. يبقى أن يظل الفنان والمبدع العربي حي الضمير ومتيقظ الوعي لما تواجهه الأمة .. والتصدي له بكل قوة وهمة .. مستنداً إلى ثقافته وحضارته العربية ، منطلقاً من هذه القاعدة القوية إلى آفاق البحث والتجديد عبر الأساليب العلمية .. متمسكاً بالخصوصية الثقافية العربية .. وتلك هي القضية. [email protected]