د. عمر عبد العزيز خير لروسيا والصين ألف مرة أن يكونا شركاء في " الغنيمة " الايرانية بدلاً من البقاء على الضفة كما يمكن أن يحدث إذا سويت الأرضية العراقية لصالح أمريكا ومن حالفها في الحرب ، ولكن هيهات أن تأتي النتائج بين عشية وضحاها، فالأيام لاتبشر بانتصار ناجز لمشروع المبادأة الاستراتيجية الامريكية ولهذا السبب كانت الحسابات الإيرانية موصولة بواقع الحال في الإخفاق الماثل للعسكرية والسياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط مما يسهل على طهران بأن تلعب بأوراق إقليمية مقلقة للإدارة الأمريكية، وخاصة الورقتين العراقية والأفغانية، غير أن حدود الحسابات الإقليمية تظل قاصرة أمام الوضع العالمي ، والإصرار الأمريكي على تعطيل قدرات إيران النووية المحتملة يرتقي إلى مستوى الموقف الأيديولوجي العقائدي المرتبط بدعم إسرائيل واحتضانها واعتبارها الحقيقة المستقبلية المطلقة في الساحة . لا ترى الإدارة الأمريكية أبعد من صنيعة المحنة الغربية الأوروبية في فلسطين ، ولا تريد الاعتراف بحكمة التاريخ والجغرافيا، وهي بهذا المعنى لا تجافي كثيراً موقف سابقيها من الأوروبيين الذي تمثّلوا وهضموا الكذبة التاريخية الكبرى القائلة " أرض بلا شعب ، لشعب بلا أرض " والذي أسفر عنه إقامة الكيان الصهيوني، ورفده بالمال والسلاح والمساندة المعنوية المديدة، وتكسير أي قابلية عربية للتصدي والمقاومة، والشاهد إن إسرائيل التي قبلت تكتيكياً بقرار التقسيم الأول، هي ذاتها التي تمددت في سيناء والضفة الغربية وقطاع غزة والجولان وجنوب لبنان، وهي الوحيدة البعيدة عن المساءلة والتفتيش والحساب في الشرق الأوسط برغم رفضها المسبق للتوقيع على معاهدة الحد من الأسلحة النووية ، وهي ذاتها التي لا تملك إلى يومنا هذا دستوراً يحدد مساحتها الجغرافية، ويقر بحقوق الشعب العربي الفلسطيني في آخر بقعة مقضومة منذ نكبة حزيران .