- د. عمر عبد العزيز عطفاً على حديث الأمس حول المسألة اليمنية الخليجية بمقابل هذه الإشارات المختزلة إلى عوامل الداخل اليمني لابد من القول بأن دول مجلس التعاون بحاجة أيضاً إلى اليمن، سواء بوصفها بيئة واعدة للاستثمار وتدوير الإمكانيات، أم لكونها عمقاً بشرياً قابلاً لانسجام تلقائي مع عناصر الثقافة والهوية العربية، وقد أدرك عقلاء الأمة هذه المسائل، وما كان لدول المجلس أن تُسارع في اتخاذ خطوات لإدماج وتأهيل اليمن لولا الإدراك الواعي لهذه الحقائق، والاستشعار الأخلاقي بأن أية مساعدة لليمن ليست منّة، بل واجباً يترافق مع حماية الذات ومحاصرة العاديات، وذلك استناداً إلى الحقائق والتحديات الموضوعية الماثلة . يبقى القول بان الاختلافات في آليات التسيير وطبيعة المشاكل والاستحقاقات أمر وارد، وأنا على يقين بأن التنمية الحقيقية في اليمن موصولة أولاً بإرادة يمنية داخلية، وأنها تستمد أبرز مقوماتها وإمكانياتها من هذه الإرادة لا العكس، وهذه إشارة إلى تلك التداعيات المتهافتة للبعض ممن يراهنون على حلول سحرية لمشاكل اليمن التنموية، ويعتقدون أن بوسع دول المجلس ومؤتمر المانحين في لندن تقديم بضع مليارات من الدولارات، فالأصل في العلاقات التعاونية التكاملية أن تكون مجدية للأطراف كلها، وان تكون مقدمات الرضا والقبول متبادلة ومحكومة بآليات ترضي الطرفين . ليس لليمن أن تُراهن كثيراً على انفتاح صنبور التمويل الخليجي ، وعلى عطايا المانحين فهذا وهمٌ كبير لا علاقة له بالحقائق الماثلة، فاليمن بألف خير إن تم إعادة تدوير الإمكانيات والمقدمات الهائلة للتنمية الأفقية والرأسية، وفي مثل هذه الحالة ستكون الاستثمارات العربية والعالمية مجرد إضافة نوعية إلى العمل الداخلي . يقول المثل الصيني : " لا تعطني سمكة ، بل علمني كيف أصطاد السمكة " ، واليمن ليست بحاجة لا إلى السمكة ولا إلى كيفية تعلم اصطيادها بل إلى إرادة دولة تتقدم على طريق التنمية وتتخلّى عن ماعدا ذلك ، وفي المقدمة من كل ذلك " الفساد محدد المعالم والتضاريس " لا المرصود بالتعاميم التجريدية التي تضر أكثر مما تنفع . [email protected]