عاجل: قبائل همدان بصنعاء تنتفض ضد مليشيات الحوثي وتسيطر على أطقم ومعدات حوثية دخلت القبيلة "شاهد"    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    عبدالملك الحوثي يكلف هذا القيادي بملاحقة قيادات حزب المؤتمر بصنعاء ومداهمة مقراتهم وما فعله الأخير كان صادما!    هل تتجه المنطقة نحو تصعيد عسكري جديد؟ كاتب صحفي يكشف ان اليمن مفتاح اللغز    نهاية مأساوية لطبيبة سعودية بعد مناوبة في عملها لمدة 24 ساعة (الاسم والصور)    الكشف عن ترتيبات أمريكية مؤلمة للحكومة الشرعية وقاسية على القضية الجنوبية    محمد علي الحوثي: "غادري يا ميسون فهو الأفضل لش".. بمن يتغزل "الطبل"؟    600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح منذ تكثيف الهجوم الإسرائيلي    البريمييرليغ: اليونايتد يتفوق على نيوكاسل    نجل قيادي حوثي يعتدي على مواطن في إب ويحاول ابتزازه    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    ظلام دامس يلف عدن: مشروع الكهرباء التجارية يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت وطأة الأزمة!    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    تطور مفاجئ.. فريق سعودي يقدم عرضا ضخما لضم مبابي    مليشيا الحوثي تواصل اختطاف خبيرين تربويين والحكومة تندد    اختتام البرنامج التدريبي لبناء قدرات الكوادر الشبابية في الحكومة    بريطانيا تخصص 139 مليون جنيه استرليني لتمويل المساعدات الإنسانية في اليمن مميز    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    استعدادا لمواجهة البحرين.. المنتخب الوطني الأول يبدأ معسكره الداخلي في سيئون    بائعات "اللحوح" والمخبوزات في الشارع.. كسرن نظرة العيب لمجابهة تداعيات الفقر والجوع مميز    يوفنتوس مصمم على التعاقد مع ريكاردو كالافيوري    العليمي يصل المنامة للمشاركة في القمة العربية    وزارة الحج والعمرة السعودية توفر 15 دليلاً توعوياً ب 16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    كلوب يسخر من واقعة المشادة مع صلاح    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    بمشاركة أهلي صنعاء.. تحديد موعد بطولة الأندية الخليجية    نيمار يتصدر معدل صناعة الفرص في الدوري السعودي رغم غيابه! (فيديو)    وزيرا المياه والصحة يبحثان مع البنك الدولي تمويل إضافي ب50 مليون دولار لمشروع رأس المال البشري مميز    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    الخطر الحقيقي على الجنوب وقضيته يكمن في معاشيق    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    دعوة مهمة للشرعية ستغري ''رأس المال الوطني'' لمغادرة صنعاء إلى عدن وتقلب الطاولة على الحوثيين    «البلسم»تختتم حملتها الطبية في اليمن وتنجح في إجراء 251 عملية قلب مفتوح وقسطرة تداخلية للكبار والأطفال    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    قطع الطريق المؤدي إلى ''يافع''.. ومناشدات بتدخل عاجل    الرئيس الزُبيدي يقرر إعادة تشكيل تنفيذية انتقالي شبوة    عار على الجنوب وقيادته ما يمارسه الوغد رشاد كلفوت العليمي    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    ثنائية هالاند تُسحق ليفربول وتضع سيتي على عرش الدوري الإنجليزي!    عدن تنتفض ضد انقطاع الكهرباء... وموتى الحر يزدادون    في الذكرى ال 76 للنكبة.. اتحاد نضال العمال الفلسطيني يجدد دعوته للوحدة الوطنية وانهاء الانقسام مميز    وفاة امرأة وطفلها غرقًا في أحد البرك المائية في تعز    الذهب يرتفع قبل بيانات التضخم الأمريكية    سنتكوم تعلن تدمير طائرتين مسيرتين وصاروخ مضاد للسفن فوق البحر الأحمر مميز    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    وصمة عار في جبين كل مسئول.. اخراج المرضى من أسرتهم إلى ساحات مستشفى الصداقة    بن عيدان يمنع تدمير أنبوب نفط شبوة وخصخصة قطاع s4 النفطي    أسرارٌ خفية وراء آية الكرسي قبل النوم تُذهلك!    ما معنى الانفصال:    البوم    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صنعاء القديمة.. لماذا الحفاظ والإحياء.؟
نشر في الجمهورية يوم 06 - 04 - 2007

ربما كان من المفيد أن احاول في مستهل هذا المقال أن ابين ماالذي يقصد بمصطلحي الحفاظ والاحياء لدى الحديث عن المدن والاحياء والمباني التاريخية.
الحفاظ في مصطلح أهل الشأن يعني صيانة المنشآت التاريخية والحفاظ عليها دون أي تعديل أو تغيير يمس جوهرها أو يخالف طرازها.
والاحياء يعني صيانة تلك المنشآت التاريخية واعادة توظيفها توظيفاً نافعاً، أما وفق ماكانت عليه أو استعمالها لأغراض جديدة مشابهة،ومثلال ذلك ،كأن يحافظ على سمسرة«1» قديمة:وذلك عن طريق ترميمها وصيانتها وتنظيفها، ثم تحويلها إلى مركز عمل حرفي أو مكتب سياحي أو ماشابه ذلك.ويقول المهندس المعماري رفعة الجادرجي «2»:«ان وظيفتي الحفاظ والاحياء في التخطيط الحضاري تتخذ ثلاثة أوجه:
الوجه الأول،هو الحفاظ على معالم التراث كمرجع لدراسات آنية ومستقبلية.
الوجه الثاني،هو الحفاظ على معالم التراث كموجودات تراثية لغرض المتعة وإشباع الحنين إلى الماضي وتكوين عقد «مراكز» تراثية متنوعة في المدينة الجديدة وذلك لتلافي الملل وخلق نبض حي فيها.
الوجه الثالث،هو الحفاظ على تلك المعالم التراثية باعتبارها تمثل خلفية لتكويننا وكياننا الحضاري.
أي أن الحفاظ والاحياء عمليتان متكاملتان.
إذ لايقتصر على ابقاء المباني القديمة بحالتها الأصلية وصيانتها وترميمها، وإنما ينبغي اعادة تنمية تلك المباني في إطار بيئتها،وتجديد وظائفها وتحبيب سكناها للناس،وانعاش الحياة فيها والمحافظة على عناصر الأصالة من خلال استمرارية عملية الإبداع في التخطيط والمعمار.
ولقد حرصت على أن أمهد لهذا المقال بالتعريف السابق،حتى لايظن
بي القارئ الظنون ان هو قرأ العنوان؛إذ أن لكل من لفظتي الحفاظ والاحياء معاني عدة،لغة واصطلاحاً،وظلال معان مختلفة ،وقد حدث قبل فترة وجيزة ان شاركت في مناقشة مخطط موضوع دراسة اجتماعية تزمع إحدى طالبات الدراسات العليا بجامعة صنعاء القيام بها وتقديمها كرسالة علمية للحصول على درجة الماجستير من قسم الاجتماع .وكان موضوع الدراسة يعني بالتحضر وأثره على الأسرة في المجتمع اليمني،وكانت الطالبة تود أن تتخذ من مدينة صنعاء العاصمة حالة تطبيقية ضمن دراستها ،فكان ان اقترحت عليها بحضور استاذها المشرف أن تتخذ مدينة صنعاء القديمة وليست صنعاء العاصمة ككل مجالاً للتطبيق فلعل ذلك يكون أوضح في الدلالة،كما أن الدراسة قد يستفاد منها في تنفيذ المشروعات المعدة للحفاظ على مدينة صنعاء القديمة واحيائها،خاصة وأن معظم الدراسات التي تمت بهذا الشأن قد اقتصرت على الجوانب المعمارية وأهملت المناحي الاجتماعية،وهي في تصوري جوانب هامة ولاتتم محاولات الحفاظ والاحياء دونها،وما ان اكملت اقتراحي بهذا الشأن حتى انبرى الاستاذ المشرف محتجاً.
ووجه إلي سؤالاً على الفور ،ماالذي تعنيه بقولك الحفاظ على المدينة القديمة واحيائها ان الجديد يحل محل القديم،والجديد انفع من القديم،والحي افضل من الميت؟فأجبته بإيجاز ،مستعيناً بشيء مما سلف ذكره عن الحفاظ والاحياء،ثم اردفت قائلاً:نريد أن نحتفظ بمدينة صنعاء القديمة حية بسكانها عاجة بأسواقها،عامرة بمساجدها نشطة بحرفها فخورة بتقاليدها.. فقاطعني بقوله:
هل ذلك ممكن؟هل تقدروون على إيقاف التقدم؟هل يستمع الناس لمثل هذه الأقوال الرومنطيقية،ويصرفون النظر عن الانتقال من المدينة القديمة إلى خارج الأسوار،لينعموا بخيرات المدينة الجديدة ووسائل الحياة الحديثة؟هل تريدون أن تتخذوا من مدينة صنعاء القديمة متحفاً اثرياً!!أن دراسة هذه الطالبة قد تفيد في رصد حركة الانتقال من المدينة القديمة إلى المدينة الحديثة،ولكن لن تفيد في إعداد مشروعات الحفاظ على مدينة صنعاء القديمة واحيائها ،لأن ذلك لن يتم أبداً؛فأهل المدينة القديمة سينتقلون بأسرهم وتقاليدهم إلى حيث يجدون سبل العيش الحديثة وخدمات الحياة الجديدة ورفاهيتها،أنهم يتوقون إلى الماء النقي والكهرباء والمطابخ والحمامات على أحدث طراز،ويتعشقون الأسواق الحديثة وصخب المدينة ووسائل الترف واللهو وغير ذلك،ولن يبقوا قابعين في تلك الاحياء العتيقة التي تعكس مظاهر حياة العصور الوسطى؟
كان صاحبي يتحدث بصدق وثقة،وهو العارف الخبير بمشكلات التحضر المعاصرة.
وكنت استمع إليه واهز رأسي بين الفينة والأخرى ،مشجعاً له على الاستمرار في طرح أسئلته وشرح موقفه،ذلك لأني ايقنت أنه لايقصد من اسئلته احراجي شخصياً،ولايرمي إلى تثبيط عزيمة العاملين على إنجاز مشروعات الحفاظ والاحياء لمدينة صنعاء القديمة؛وإنما رغب أن يقدم وجهة نظر معينة يراها هو صواباً، وضمنها تلك الأسئلة الصعبة.كما أنه احب أن يبصر الباحثة بعملها،وهدف إلى حسن توجيهها.على أنني بدلاً من أن أرد على اسئلته، وجهت إليه أولاً بعض الأسئلة،سألته مثلاً:هل زرت مدينة صنعاء القديمة؟وهل أنت على بينة من برامج الحملة الوطنية والحملة الدولية لصيانة المدينة؟ولم تدل اجابته على حسن اطلاع واحاطة،والحق يقال،،فله العذر في ذلك! فهو ضيف كريم واستاذ قدير ولكنه قريب العهد بصنعاء ولم يتسن له التعرف عليها والإلمام بقضاياها، وكان يتحدث أمامي بحياد تام.
وازعم أن وجهة نظره تنطبق على كثير من مدن العالم المتقدم والنامي؛فقد رأينا كثيراً من المدن الأوروبية تتحول إلى انقاض بسبب الحرب العالمية الثانية واستبدل كثير منها بعد الحرب بمدن جديدة تختلف في طرازها وتخطيطها على سابقاتها تماماً.
ورأينا في كثير من البلاد العربية مدناً تختفي وتقوم على أثرها عمارات حديثة لاتمت إلى المدن السبقة بصلة،وإذا مابقي شيء من تلك المدن القديمة فهو حي أو حيان على سبيل الذكرى فقط.
ان التطور الحاصل في حياتنا المعاصرة يتعارض في الظاهر من حيث المبدأ مع بقاء التقاليد المحلية والخصوصية الثقافية .فأسلوب الانتاج المعاصر الذي يتسم بطابع الإنتاج الاجمالي يتناقض مع صيغ الاشكال التراثية،والاشكال التراثية تستمد اصولها من صناعة يدوية حرفية تختلف مقوماتها وظروفها الانتاجية اختلافاً تاماً عن التكنولوجيا المعاصرة«3».وان التحديث عن طريق التخطيط العلمي أو العملي لمشروعات التنمية والتطوير يقتضي شق الطرقات الواسعة وبناء العمارات العالية،واقامة المجتمعات السكنية والأسواق الكبيرة ،واستعمال مواد البناء التي تصنع على نطاق واسع، والاسراع في تنفيذ المشروعات السكنية والاقتصادية والخدمية،وكل ذلك يقتضي اجمالاً الغاء القديم الذي لايوافق طبيعة العصر المتفتحة،واستحداث الجديد الذي يخدم عمليات النمو والتطورالضرورية ،وماعلى المرء إلا أن يلقي نظرة سريعة على مايمكن رؤيته من مدن العالم المتقدم أو النامي،فلا ريب أنه سيجد مدناً متشابهة اصابها التنميط العالمي فكأنها «غابات» من الأسمنت المسلح،وسيجد أيضاً مدناً هجينة الشخصية ليس لها طابع محلي أو هوية ثقافية واضحة؛ وتكاد تشبه بعضها بعضاً ،ولايحتاج المرء في هذا الصدد إلى ضرب أمثلة وذكر اسماء فهي كثيرة،وكثيرة جداً.
أن التطور الاقتصادي والزحف العمراني جعلا استخدام تقنية البناء الحديثة أمراً لامفر منه.كما أن انتقال السكان من المدينة القديمة إلى الاحياء الحديثة وبالتالي يؤثر بطبيعة الحال تأثيراً كبيراً على ماكان معهوداً لديهم من تقاليد سكنية ،كتلاحم المجاورات السكنية،وتكافل ساكنيها وتماسك النماذج الاجتماعية للأسرة، وهو كما يبدو أمر لامفر منه في مسيرة عالمنا المعاصر.
ألا ترى ياعزيزي القارئ أن «صاحبي» استاذ علم الاجتماع كان محقاً في وجهة نظره؟أجل! الواقع يؤيد قوله،ولكن القصة لم تنته بعد؛ إذ انني مالبثت أن استويت على مقعدي،ثم التفت إليه قائلاً:
«مهلاً ياصاحبي»! تلك وجهة نظرك،وللأمر وجهات نظر أخرى،واسمح لي أن ابدي لكل احداها .فلربما قصرت الحجة فيها فلم تبلغ حد الاقناع؛ولكنها قد تنجح في استمالتك لتكون واحداً من أصدقاء صنعاء القديمة،وقد يحدوك مثل هذا القول إلى مراجعة النفس فتسمح لتلميذتك الواعدة بتوظيف بحثها الاجتماعي الذي تنوي اعداده باشرافك بما يخدم اهداف الحملة الوطنية والدولية للحفاظ على مدينة صنعاء واحيائها..»
سأبدأ عرض وجهة نظري هذه مستشهداً مرة ثانية برأي للمهندس رفعة الجادرجي حيث يقول:«4»
أم التناقض بين الانتاج المعاصر والتراث هو تناقض مرحلية بحد ذاته،فقد أخذ الانتاج الكمي يتطور نحو ذلك المتنوع،وبموجب «برمجة الكترونية» ،ولذلك فإن الظروف التي ولدت التناقض هي وقتية زائلة..واليوم تبذل جهود جبارة وتمر ليال مضنية من السهاد والسهر في سبيل تهيئة المتطلبات المادية والمعنوية للمواطنة ،بما في ذلك المسكن والمأكل والتعليم ووسائل الراحة..فهل نقبل بعد هذا الجهد الكبير أن تكون حصيلة هذا كله وضعاً اجتماعياً جديداً يفتقر إلى السمات الخصوصية،أي يفتقر إلى حضارة ،لاتمتلك طابعاً خاصاً أو لوناً معينا؟ هل يمكن أن نسمي ذلك بالحضارة مادامت تفتقر إلى السمات الخصوصية المميزة؟نحن لانقبل هذا المسار ! ان صورة المدينة جزء من شخصية أهلها وملامح الصورة تتجلى من خلال ملامح أصالتها فهل يمكن أن تقبل أي أمة أن تتخذ من مدينتها وعاصمتها وعاءً فارغاً تستورد إليه كل شيء، ويرمي فيه أي شيء على حد تعبيره مهندس غربي ؟«5» فإذا كان الرد بالإيجاب فلاشك أن مثل هذه التجارة لاريب بائرة! أية تجارة هذه التي تقايض التراث الأصيل «بالموضة» العابرة؟أنها كمثل ذلك المسكين الذي يستبدل ماهو أدنى بالذي هو خير. نحن لانقبل بهدم تراث الماضي كيفما اتفق،لمنقيم الحديث على انقاضه حسب «الموضة» ،ولا نقبل بأن نصل على محو سمات شخصيتنا أولاً ،ثم نلهث بعد ذلك وراء اكتساب شيء مجهول كسراب بقيعة يحسبه الضمأن ماء ،ان وجدناه في آخر المطاف فقد يكون أي شيء آخر إلا نحن،نحن لانقبل مسار الحضارة الذي يكون على حساب تقاليدنا وقيمنا ومعتقداتنا وآثارنا ومعمارنا،ولانقبل أن تكون عملية التنمية والتطور في بلادنا على حساب معالمنا الأثرية وشواهدنا التاريخية.
فالحداثة بالنسبة لنا ليست بديلاً عن الأصالة،وتنمية الحاضر لاتعني أبداً افقار الماضي،غير أن هذا الموقف لايمثل دعوة إلى الانغلاق والتقوقع.
أو محاولاً لإيقاف حركة التقدم ومسيرة العلم،وانما يهدف في حقيقة الأمر إلى العمل على استلهام المشرف والمفيد من تراثنا وصهره بصدق وابداع على الدوام بحيث نتمكن من الاحتفاظ بهويتنا الثقافية حيثة متجددة «كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء؛تسقط أوراقها في الخريف ولكنها لاتشيخ، وإنما تجدد شبابها في كل موسم،وتورق من جديد،كما توتي اكلها كل حين بادن ربها».
الحفاظ على التراث واحياؤه ضرورة ،ولكن من المستحيل أن نحافظ على كل تراث الماضي،بل ينبغي دوماً تقلين الشجرة وتحديد صفات التراث الفعال ووضع أولويات للمعالم التراثية التي ينبغي أن يحافظ عليها،والعمل على ابداع الصورة الجديدة الممكنة من قلب التراث نفسه،بحيث تتواكب روح العصر الوثابة،ولاتتنافر مع الذوق السائد، ذلك لأن الخصوصية لاتعني انكار الغير،خصوصية الثقافة وعالميتها لاتتناقضان بل ينبغي أن تكونا وجهين لحقيقة ثقافية واحدة . والقيم الثقافية هي «أصوات مختلفة ولكنها لعالم واحد» على حد تعبير ادبيات اليونسكو«6».
«ان ثقافة أي مجتمع ليست تراثاً جامداً،ولاد مجرد سجل جامع للتقاليد؛بل هي دينامية داخلية وعملية مستمرة يواصل فيها المجتمع دوماً ابداع ذاته وشرط لازم لتقدمه،والدفاع عن الهوية الثقافية ومكوناتها ينبغي ان لايفسر على أنه مجرد التمسك بالماضي البالي وبعث للقيم البالية والقديمة بل ينبغي أن يفهم على أنه توكيد واع للاصالة وتعزيز ضروري للتضامن الداخلي والوحدة الوطنية وخطوة نحو استعادة الملكات الابداعية لدى الأمة وشحد لقدراتها على الابتكار.أنه دفاع عن منجزات الماضي الحضارية وفي الوقت نفسه بحث عن
مشروعات حضارية جديدة قادرة على الاسترسال في رد الاعتبار للماضي عن طريق الشعور بمسئولية متزايدة تجاه المستقبل.
والحفاظ على التراث ليس من معوقات التنمية كما يقال احياناً،بل ان الاعتقاد يترسخ أكثر فأكثر ،في عالم اليوم بأنه لايمكن للتنمية أن تقصر نفسها على المجال الاقتصادي وحده، وإنما ينبغي لها أن تحدد اهداف النمو من الناحية الثقافية وتعمل على صيانة تراث البيئة في الوقت نفسه،وهما أمران حيويان لبني الإنسان لاغنى له عنهما؛فالإنسان ليس صانع التنمية فحسب ،وانما هو موضوعهاأيضا.
وقد اجمع علماء الآثار والمهندسون المهتمون بتطوير التراث المعماري العربي الإسلامي وخبراء الثقافة، في المحافل الدولية على أن مدينة صنعاء القديمة واحدة من مدن العالم الإسلامي التي ينبغي أن تعلن معلماً تاريخياً هاماً على المستوى المحلي والدولي «7»،فصنعاء مدينة ذات نوعية فريدة في الجمال المعماري، وهي نموذج للمدينة إلى اليوم باقية اجمالاً على صورتها القديمة وتحتفظ بوحدتها وتكاملها معمارياً وبشرياً،كما أن سلبيات الحياة الحديثة لم تطغ عليها كثيراً ،ولم يغمرها طوفان الحياة الغربية وانماطها الغربية،غير أن ذلك الايقاع المريح الذي حفظ نسيج هذه المدينة خلال عملية التزاوج بين أصالة الماضي وحداثة الحاضر،قد بدأ يصاب ببعض الخلل ،وشرع وحش«الحضارة الجديدة» يمد أظافره ليخدش جمال تلك المدينة،وبدأ يتهيأ للانقضاض عليها ،والخوف كل الخوف أن تخفق هذه المدينة الوديعة في اتقاء شر هذا «الوحش» الذي طال تربصه بها.
ولهذا فإن جمعاً كبيراً من أهل اليمن الكرام انبروا مدافعين للذود عن حاضرتهم والاستبسال أمام أسوارها، واستثارت صنعاء خيال
المنظمات الثقافية الدولية بجمالها وحسن هيئتها ،فأعلنت هذه المدينة معلماً تراثياً انسانياً ودعت تلك المنظمات إلى حملة دولية ،للمحافظة عليها،ووضع دراسات وبرامج تكفل حمايتها وصون معالمها التاريخية وترميمها واحيائها،وقد اصدر الأخ/رئىس الجمهورية العربي اليمنية العقيد/علي عبدالله صالح قراراً جمهورياً رقم «76»لسنة 1984م بشأن قيام حملة دولية ووطنية لحماية وتحسين مدينة صنعاء القديمة.«8» وينص القرار على تشكيل مجلس امناء لهذا الغرض يرأسه الأخ/رئيس مجلس الوزراء ويضم عدداً من المسئولين الكبار وخيرة المهتمين بأمر الحفاظ على هذه المدينة،وقد عزز كل ذلك نداء وجهه أحمد مختار أمبو المدير العام السابق لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلولم والثقافة،وفي شهر ديمسبر عام 1984م،من داخل مدينة صنعاء إلى المجتمع العالمي، من أجل التعاون والاسهام في تلك الحملة الدولية للحفاظ على مدينة صنعاء القديمة واحيائها،وقد جاء في هذا النداء العالمي مايلي:«9»
«صنعاء عاصمة اليمن السعيد،المدينة الفاتنة» وواحدة من أقدم مدن العالم،كانت حاضرة سبئية وحميرية قبل الإسلام،ثم صارت من ألمع المراكز الإسلامية.وصنعاء اليوم من عواصم القرن العشرين حيث نرى فيها اليوم أحدث انجازات العصر جنباً إلى جنب المساجد العتيقة والمدارس والأسواق والمساكن التقليدية، مما يضفي على المدينة طابعها الفريد،غير أن أنشطة المدينة تتجه إلى الانتقال تدريجياً إلى خارج الأسوار التاريخية؛الأمر الذي يهدد المدينة القديمة بخطر الاندثار..وقد اعتمد المؤتمر العام لليونسكو في دورته الحادية والعشرين
قراراً يأذن لي باعداد خطة عمل بالتعاون مع الجمهورية العربية اليمنية من أجل صون صنعاء والحفاظ عليها»
«وتستهدف خطة العمل هذه صون الطابع الفريد لصنعاء ،ليس مركزها التاريخي فقط، بل بإدخال العناصر الكفيلة بتهيئتها لشروط الحياة الجديدة.وستتضمن هذه التدابي ترميم المباني،مثل المساجد والمدارس والمساكن والحمامات وغيرها من الآثار التاريخية».
«كما تتضمن تحديث البنى الأساسية كشبكات المياه والكهرباء والهاتف ووسائ النقل ،ومن المقرر أن تستكمل هذه المشروعات بتحسين المعدات الاجتماعية والطبية وتشجيع الحرف التقليدية،بالإضافة إلى انشاء مراكز ثقافية ومتحف جديد ،غير أن الصعوبات المالية والتقنية التي تعترض تلك الأهداف هي من الأهمية بحيث تتطلب جهداً متظافراً على الصعيد العالمي».
«وانني أدعو جميع الدول الاعضاء في اليونسكو حكومات وشعوباً،والمؤسسات العامة والخاصة والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية ،وكذلك المؤسسات والهيئات المالية إلى المشاركة عن طريق تقديم المساهمات الطوعية سواء كانت نقوداً أو معدات أو خدمات، تضاف إلى الجهود الهائلة التي تبذلها الجمهورية العربية اليمنية في هذا السبيل».
«وادعو المتاحف وأروقة الفن والاكاديميات والمكتبات وكل المؤسسات المعنية بحماية التراث وبقضايا التقدم ونشر الثقافة إلى تنظيم معارض عن صنعاء وتقديم هبات لصونها وترميمها»
«وأدعو الأطفال والشباب كافة،لاسيما في الجمهورية العربية اليمنية وفي الدول المجاورة للإسهام في صون مثل هذا التراث الذي أصبح جزءاً من التراث العالمي،.وكذلك في جمع التبرعات بكل الوسائل للمشاركة في انجاز هذا العمل الوطني والدولي لصالح مدينة صنعاء القديمة»..
ولكن هل ياترى بالإمكان الحفاظ على هذه المدينة واحياؤها؟هل نستطيع أن نقف ضد التيار وأن نمنع تراث المدينة من الاندثار؟
أجل! ان ذلك ممكن! بشرط أن نعي تماماً المنطلقات الأساسية التي بنى عليها هذا الرأي المتفائل،وابرز هذه المنطلقات في رأينا هو مايلي:
أولاً: إن التناقض بين التراث والزحف العمراني الجديد مرحلي،وإذا كنا قد مررنا بفترة حرجة شهدت فيه العاصمة زحفاً عمرانياً هائلاً ،كان الطلب فيها على البناء يزداد كل يوم بكثافة غير عادية مما أخضع المعمار اليمني لمضاربات السوق،فإننا اليوم بحمد الله نمر الآن بفترة ايقاع مريح تتيح لنا فرصة التفكير فيما يتجاوز مجرد اشباع الرغبات الثلاث الأكل والملبس والمسكن،أي أننا في وضع لابأس به يتيح لنا أن نحسن الاختيار ونصطفي المفيد والأجمل من تراثنا قدر الإمكان،وأن نتجنب أمر «استبدال الذي هو أدني بما هو خير».
ثانياً: ان مدينة صنعاء القديمة لم تعد تراثاً وطنياً فحسب ،وإنما هي أعلنت فعلاً معلماً تراثياً عالمياً، وادرجت ضمن قائمة المدن التاريخية التي يجب الحفاظ عليها في أسرع وقت ممكن.
وبالتالي شئنا أم أبينا«ونحن نشاء والحمدلله» فإن الجهود الدولية ستتكاتف لعمل شيء ما،يضمن الحد الأدنى من جهود الحفاظ والاحياء، وسنجد أنفسنا في وضع لانحسد عليه أن نحن تهاوناً في الأمر وتخلفنا عن الركب،ولم نمسك بزمام المبادرة.
ثالثاً: مدينة صنعاء القديمة بشكلها الحالي ليست «موقعاً أثرياً»؛إذ أن معظم مافيها منشآت حديثة نسبياً،ولكن تاريخية المدينة تأتي من كونها تناقلت طرازها وخطتها عبر القرون دون انقطاع،وكل مايحدث فيها من تعديل وتحديث كان ينبع من الداخل.وانطلاقاً من الاحتياجات المحلية ،وكانت العناصر الفنية الداخلية لاتطغى على ماهو قائم فيها أصلا،وإنما تنصهر فيه؛فيتشكل الجديد وهو موائم للقديم،بل انه استمرارية له.ولا أعتقد أن خيار الحفاظ والاحياء،ان هو وضع بوضوح أمام أهل المدينة سيجابه بالرفض ،فالمرء لايتنكر لذاته،وكل ماينشده سكان المدينة القديمة هو أن لايحرموا من لوازم الحياة الجديدة ،وان تتاح فهم فرصة الكسب الحلال الطيب داخل اسوار مدينتهم،وهذا هو بالفعل مايهدف اليه مشروع الحفاظ والاحياء.ان المشروع يهدف في جوهره إلى استمرار نبض الحياة وتنشيطه داخل المدينة؛عن طريق ادخال سبل الحياة الجديدة اليها،وانعاش اسواقها وتحسين مستوى معيشة أهلها.أي تحديث المدينة بدراسة وبصيرة،بحيث يكفل استمرارية حيويتها وبقاءها عامرة ضمن اطارها الحضري ،بعماراتها العالية الجميلة ومناراتها السابقة وجوامعها البهية ؛بدلاً من أن يهجرها أهلها وتقوم على انقاضها «غابات من الاسمنت» «وصناديق علب الكبريت» المتراصة.
رابعاً: ان الحفاظ والاحياء ينبغي أن يقوم على مصالحة بين عملية التنمية والتطوير التي تقتضي تنمية الحاضر وفق ايقاع التغير السريع،وعملية التأصيل والاحياء التي تشد إلى قوالب الماضي وشواهده ورموزه والتي تحتاج إلى زمن كاف يتمثل فيه الجديد ببطء وهدوء،.بحيث ينبت غرسه ويشتد في تربة القديم،ويعتقد كثير من الناس أن المصالحة ممكنة إذا ماجرى فرز واع وذكي للاهداف الاجتماعية والقيم الفنية والامكانات
المادية.على أن ذلك كله يحتاج إلى اتباع منهج سوي يتيح تقويم الأمور وفرزها وفق الأولويات والمميزات بحيث ينتج عن ذلك في نهاية الأمر مايخدم المصالحة المرجوة ان ذلك لايتم دون معرفة كافية وموهبة مبدعة وقناعة صادقة تكون موقفاً متكاملاً وايجابياً من مسألة التراث يكفل الحرية ويهيء الفرصة ويقدم المال.«10»
ولهذا كان من الضروري أن تشارك في هذه المهمة خبرات عالمية وتساهم معنا جهات دولية.
ومادام قد جصل فعلاً شيء من ذلك بالنسبة لمدينة صنعاء القديمة وواكبة مثله أو يزيد على الصعيد المحلي ،فإن الأمل كبير في إنجاز تلك المهمة وتحقيق اهدافها؛لاسيما وأن الأمر إلى الآن يقتصر على مدينة صنعاء القديمة،ولايشمل العاصمة كلها أو مشروعات مدن أخرى في اليمن،ويتركز فقط في هذه المحافظة على استمرار طراز البناء وصيانة المباني القائمة وتشجيع الحرف اليدوية ورصف الشوارع بالحجارة وترميم السور وانعاش الاسواق القائمة والمحافظة على مرافق المدينة ومتنزهاتها وادخال وسائل الحياة اللازمة من كهرباء ومجاري ومياه ،وفق أنظمة ملائمة بحيث لاتضر هياكل المدينة القديمة.وفي الواقع ليست صنعاء هي أول مدينة يتم فيها مثل ذلك أو ينوي أن يتم فيها كل ذلك،بل انها ضمن قائمة طويلة من المدن التاريخية العالمية أو المدن العربية والاسلامية التي تحتاج إلى حفاظ واحياء مثل مكة والقدس ومراكش والبندقية وحلب ودمشق واسطنبول واصفهان ولاهور وسمرقند...غير أنها تتفاوت في القيمة والحاجة،وظروف كل مدينة تختلف عن الأخرى،ومشروعات الحفاظ والاحياء فيها تختلف وفق ذلك.«11»
خامساً:ان صنعاء القديمة تراث يمني عربي اسلامي انساني،ولهذا ينبغي المحافظة عليه حاضراً ومستقبلاً،فطرازها المعماري عموماً يحمل شهادة صادقة على ابداع الإنسان ونضاله المستديم ورؤياه الفنية ،بل إن صنعاء القديمة كغيرها من روائع التراث البشري تؤكد قدرة الإنسان على تجاوز نفسه والبحث دوماً نحو الأفضل والأجمل والأكمل؛ وبقاء معالمها هو بقاء لشواهد هامة تلهم القدوة الحسنة والعبرة الصادقة،ومنها ينطلق الخلف الخير نحو ابداع جديد يضاف إلى منجزات السلف الصالح ويهديه ثمرة طيبة إلى الاجيال القادمة.هي أمانة تاريخية يحملها الخلف عن السلف وتتجدد في كل حين إلى ما شاء الله.
أن مثل صنعاء القديمة ومشروعات الحفاظ عليها كمثل مخطوطة ثمينة وفقنا إلى اكتشافها.
وهي مخطوطة تروي بين طياتها قبساً من علم الماضي وفنه، فإن نحن أهملناها اكلتها الأرضة وخسر الناس كنزاً ثميناً،وان نحن تعهدناها بالحفظ والصيانة وحققنا مكنونها بعلم المحقق العارف والناقد البصير،ونشرنا معارفها بين الناس ،نكون بذلك قد خدمنا التراث وانتفع الناس بعلمها وبتجربتنا معها،ولنا فوق ذلك ثواب العمل الصالح عند الله والذكر الحسن عند الناس،وقد تبلى المخطوطة بعد حين ،ولكن جهدنا في الحفاظ عليها واحياء علمها باقيان تجربة متواترة بين الناس جيلاً بعد جيل « تؤتي أكلها كل حين،وكأنها في كل مرة نسخة جديدة محققة ومنقحة تحكي قصتها على مر الدهور».
سادساً: أن من المتعذر الحفاظ على مدينة صنعاء القديمة حفاظاً مجدياً،دون تعاون حقيقي من أهلها ودون تفهمهم المخلص لمشروعات الحفاظ والاحياء ومشاركتهم الفعالة فيها فأهل مكة أدرى بشعابها ،وقد قيل في المثل «ماحك جلدك مثل ظفرك» والأمل كبير في أن اهل المدينة القديمة يتابعون باهتمام الخطوات المدروسة التي يسير بها مجلس الأمناء للحفاظ على المدينة واحيائها ،ويقدرون الجهد غيرالعادي الذي يبذله المكتب التنفيذي التابع للمجلس.ويلمس المرء ولاريب في الفترات الأخيرة اتجاهاً واضحاً لسكان المدينة القديمة يدل على قدر كبير من الوعي بأهمية الموضوع والتفهم لأ هداف الحملتين الدولية والوطنية والرغبة المتزايدة في المشاركة الفعلية في انجاح برامج العمل داخل اسوار المدينة،ان مثل هذا التجاوب عامل أساسي في إنجاح مشروعات الحفاظ والاحياء ،ولنا وطيد الأمل في أن يستمر التجاوب وتزداد الرغبة وتتكثف الجهود من قبل أهل المدينة.
سابعاً:إن العمارة الإسلامية «صنعاء القديمة من نماذجها الهامة» قضية أساسية على حد تعبير ادبيات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «الاليكسو» ،وهي صورة من ثقافة الأمة وتجسيد لها،وان صون المدينة ماهو إلا دفاع عن التراث،والتراث هو خير لبنة لبناء صرح وحدة الأمة».
وبعد يا«صاحبي»! ألا ترى أن هناك أكثر من مسوغ للقيام بمشروعات الحفاظ والاحياء داخل أسوار مدينة صنعاء القديمة؟ألا ترى أن صورة مانحن عليه الآن ليست سوى صنيع الماضي ،وأن مانفعله حاضراً هو محاولة لرسم صورة تاريخ المستقبل،ان التاريخ لايرحم،ولابد أن يقول كلمته يوماً مافيما نحن اليوم بتراثنا فاعلون،والله على مانقول شهيد.
هوامش:
1 السمسرة في لهجة أهل اليمن نزل في السوق أو على الطريق يستريح فيه المسافر.
2 «التراث ضرورة عند تطوير المعمار العربي» مجلة المستقبل العربي 3/1981 ص28.
3 م.ن، ص20.
4 م.ن.ص22.
5- Presevation And inner City Rehaailita-tion, Arnold icerte.
محاضرة في كلية الهندسة، جامعة صنعاء مارس 1987م.
6 وثائق المؤتمر العالمي بشأن السياسات الثقافية «موندياكلت» المكسيك 26/7 6/19828م، وإعلان مكسيكو بشأن الثقافة.
7 راجع وثائق ودراسات عديدة بهذا الشأن منها: تقرير جير الدايرباخ، التخطيط الثقافي لمدينة صنعاء، توصيات المؤتمر التاسع للآثار العربية صنعاء 26/2/1977م، وثائق المؤتمر العام لليونسكو 21/م ق386 بلغراد 1980، حملة الحفاظ على مدينة صنعاء القديمة، تقرير لرونالد ليكوك، اليونسكو، باريس 1982م، توصيات المؤتمر الخامس عشر لوزراء خارجية الدول الإسلامية في صنعاء 18 22 ديسمبر 1984م وقد اقيم معرض لمدينة صنعاء ضمن مهرجان العالم الإسلامي في لندن عام 1976م.
8 وثائق لدى مجلس أمناء حماية وتحسين مدينة صنعاء القديمة.
9 م.ن.
10 «التراث ضرورة..» مصدر سابق ص28 29.
11 راجع مثلاً كتاب اليونسكو:
Alegacy for All: Thneworids, major natural cultural And Historicalsites.
صدر عام 1982م.
12 راجع توصيات حلقة العمارة العربية، المنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم، الحمامات، تونس 3/12/1977.
وأحيل القارئ إلى عدد من المصادر والمراجع عن مدينة صنعاء القديمة وأهميتها التاريخية منها: كتاب تاريخ صنعاء، أحمد عبدالله الرازي، حققه ونشره حسين عبدالله العمري وعبدالجبار زكار «أكثر من طبعة».
Sana,a an ararian islamic city, edited by r.b.serjeant and R.LEWCOCK,the world of islam festiual trujt,london (1983).
حوالي 630 صفحة من القطع الكبير بالخرائط والصور.
مجلة الاكليل العددان الثاني والثالث السنة الثانية 1983م عدد خاص بصنعاء، وزارة الاعلام والثقافة، صنعاء.
الهمداني، لسان اليمن، دراسات في ذكراه الألفية، تحرير الدكتور يوسف محمد عبدالله، منشورات جامعة صنعاء 1986م.
الاكليلية بتصرف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.