عندما زرت (المكلا) لأول مرة في ابريل 2006م الفائت ، أدهشني اتساعها ، وتناسقها الأنيق ، همست إلى نفسي يومها : يا إلهي ، هذه المدينة نافورة منتزهات ، لكنها تنام باكراً! مرات كثيرة تجولت بعد الحادية عشرة مساء ، وشعرت كم هو محزن وغير إنساني أن مدينة مثل المكلا يسهر اليل فيها وحيداً دونما صخب ، أو بعض موسيقى تأت ولو من كافتيريا محشورة في زاوية ما من زوايا كورنيش (المحضار) الواسع أو ساحة العروض مثلا!! المدن الساحلية إن لم تكن فستان سهرة ، فلا فرق بين إيقاع الحياة فيها صحراء الربع الخالي ..، غير أن زيارتي لها أواخر مايو من نفس العام بدعوة لحضور فعاليات مجلس التنسيق السعودي اليمني .. وجدت أن جمال (المكلا) تضاعف ، ولياليها لم تعد تنام. إذ أن غالبية سكان غادروا حيطان البيوت الأربعة ، وخرجوا للسهر في فضاء طلق مزحوم بمشاعر الاسترخاء وبالطرب.. كان الليل رائعاً ، والناس تبتسم. ليست ساحة العروض لوحدها من سامرة الناس بصحبة عوائلهم حتى مطلع الفجر ..، بل وحتى «خور المكلا» وكورنيش الستين. حفلة غنائية أحياها الموسيقار / أحمد فتحي والفنان / علي بن محمد والفنان/ عبدالرحمن الأخفش، سبقها أوبريت غنائي على شرف الأمير (سلطان) والوفد المرافق له ، حولا ليل (المكلا) إلى ما يشبه ليالي الاسكندرية التي لا تنام. المكلا مدينة باستطاعتها أن تصير مهرجاناً فرائحياً طيلة العام .. وهي مدينة مرتبة، وناسها طيبون .. وفي المكلا أيضاً محافظ ودود لا يُظلم عنده الجمال أبدا. فلماذا تنام (المكلا) باكراً ؟ يقول «ماجد» وهو أحد الشباب المغتربين في المملكة : «جئت مشتاقاً لأهلي وربعي في المكلا .. بصراحة أدهشني التطور الحاصل فيها ، والمتنزهات ، والخور ، ولو أن هناك ترويجاً قوياً للمكلا لأصبحت قبلة السياح من كل دول الخليج. مهرجانات في يوليو من كل عام ، تشهد مدينة (المكلا) أهم مهرجاناتها بصحبة مياه البحر، هو «مهرجان البلدة» (سيتم الحديث عنه بتفاصيل أكثر في تناولة لاحقة). وفي أيام المهرجان تحضر الأغنية في الهواء الطلق ، ويتحول الليل إلى مساحة للوادعة وللاغتسال من نُعاس المدينة التي تنام لياليها باكراً لشهور .، وعند مهرجان (البلدة) أو موسم الاحتفالات بالأعياد الوطنية فإن المكلا لا تنام.