لأن أحداً لا يستطيع تجنب الملوثات في حياتنا، وإزاء هكذا واقع، فينبغي أن نحرص على أن تكون الملوثات التي تدخل إلى "أجوافنا" بالقدر المسموح به، أي بمقدار ما تستطيع أجسامنا أن "تتعايش" معها،و يكون بمقدورها صد أضرارها.. فإذا زادت عماّ هو مسموح به، عندها يكون الخطر.. ينطبق ذلك على الملوثات الإشعاعية كما ينطبق على الملوثات الكيماوية. ولأن حديثنا اليوم، سيتركز في موضوع الملوثات الكيماوية، فلا بد أن نبدأ من عند المبيدات الزراعية. يعمد المزارعون على استخدام المبيدات الحشرية لرشها على المزروعات بقصد حمايتها من تهديد الحشرات لها، بيد أن منهم من يبالغ في استخدامها، ليس بغرض حمايتها من الآفات الزراعية فحسب، وإنما بقصد التعجيل من نمو هذه النباتات. يشمل ذلك المزروعات من الخضروات والفواكه.. وكذلك القات. وبالنسبة للقات، وبحسب عدد من مزارعي القات، فقد علمتُ أنهم يستخدمون أنواعاً من المبيد والسماد الكيماوي في آنٍ معاً بغرض تسريع نمو القات، وبالتالي من أجل الكسب السريع، دون أي اكتراث بصحة متعاطي هذه النبتة الخبيثة، وهم كثر في بلادنا. بعض هؤلاء المزارعون يصبغون على عملهم هذا نوعاً من "الأخلاقية المهنية" عندما يتحدث الواحد منهم بالقول: "والله.. أنا لا أقطف من شجرة القات إلاّ بعد 15 يوماً من رشها بالكيماوي" (!) ولكأنه صدّق ويريد الآخرون أن يصدقونه أن مرور 15 يوماً على الرش بالمبيد الكيماوي يحرر النبتة مما "جرّعها" من هذا المبيد الضار طوال أيام عدة سبقت. اختصاصيو الملوثات يقولون أن أي مادة كيماوية ُترش بها النبتة تمتصها أوراقها أو قشرة ثمرتها دون إبطاء، وتبقى النبتة بكامل أجزائها تحمل ما نسبته 20 إلى 50% من كمية هذا الملوث الكيماوي الذي تم رشها به أثناء نموها.. أي أن هذه النسبة تبقى ثابتة في أجزاء النبتة، لتذهب بعد ذلك إلى جوف الإنسان أو الحيوان.. ولك أن تتخيل حجم الكارثة عندما ترى أن هذه الكميات السامة تدخل يومياً إلى جسم الإنسان.