بوصول القوات الاثيوبية إلى العاصمة الصومالية مقديشو تكون مرحلة الحرب الأكثر تراجيدية قد بدأت، سواء ظلت القوات الاثيوبية ، أوانسحبت تلك القوات، فالحرب سجال . ولقراءة المشهد العسكري المحتمل بعيد التراجع الواسع للمحاكم والذي جاء كنتيجة مباشرة للتدخل الاثيوبي الكاسح لا بد من استعادة بعض معالم الوضع العسكري واللوجستي والجغرافي في منطقة القتال القادمة وهي العاصمة مقديشو بامتداداتها المختلفة، فمما لا شك فيه ان المحاكم ستعمل على تقوية متاريسها في العاصمة وما يجاورها، وستقوم باستنفار أكبر قدر من أنصارها، ولعل عمليات النهب والفوضى التي ترافقت مع اقتراب القوات الإثيوبية من العاصمة مشهد يأتي لصالح المحاكم، فالشاهد ان الجماعات التي تآلفت مع اللصوصية والقرصنة كانت كامنة في جحورها قبل ان تستشعر اقتراب وصول القوات الاثيوبية مع بعض امراء الحرب، وما ان شعرت بذلك حتى عادت تلك الجماعات الى حالتها القديمة وشرعت في النهب والسلب في دالة خطيرة على ان ثقافة الموت والرعب مازالت قابعة في تلافيف العقول المجرمة التي كانت سبباً فيما آلت اليه الصومال . لم تجد المحاكم الشرعية نصيراً حقيقياً في العالم، فقد تصرفت الادارة الامريكية على نحو يجيز الغزو الاثيوبي، بل ان الادارة الامريكية أوعزت الى دبلوماسييها بعدم الادلاء بتصريحات تتعلق بالاوضاع الناشئة في الصومال، مؤيدة الغزو الاثيوبي بوصفه دفاعاً عن النفس !!، وعلى خط متصل تُرك الموقف العربي لجامعة العرب المعوّقة والتي تحركت باتجاه المطالبة بوقف اطلاق النار، وانتظم معها على الخط الاتحاد الأفريقي كنوع من براءة الذمة، فالجامعة والاتحاد لا يقلقان اثيوبيا لانهما غير قادرتين على اتخاذ أي اجراء يضر اثيوبيا من قريب أو بعيد، وبالتالي فان ما تفعلانه لا يعدو أن يكون نوعاً من الطبطبة على الرؤوس الساخنة في الساحة الصومالية . مهد الغزو لمتوالية محنة جديدة، فاثيوبيا ستنسحب بالضرورة، لكنها ستترك الساحة نهباً لما هو أفدح ، فالتقاتل الأهلي الصومالي سيتجدد على نحو أكثر وحشية، والاستقطابات السياسية المتغيرة ستزداد ضراوة، والحمية العصبية القبلية ستعود اكثر مما كانت عليه من قبل