أيتها النفس هاهي نسائم الشهر الفضيل تهب علينا من نافذة الزمن، وهاهي أطيافه السابحة تلوح في الأفق هناك من البعيد يطل علينا هلاله بكل استحياء وبحمل بين طياته الخير الكثير ويبشرنا بأننا على اعتاب الجنة إن أحسنا قيامه وصيامه و(... ياباغي الخير أقبل وياباغي الشر أقصر..). شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان» أيتها النفس أما آن لك أن تستيقظي من غفلتك . أما آن لك أن تتوبي في رمضان كم عصيت ربك ولم تستغفريه في غير رمضان وفرطت بحقوقك ولم تعود إليه .. ثم إذا جاءت سكرة الموت بالحق قلتِ (ياحسرتى على مافرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين ، وتقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين». يقول ابن القيم رحمه الله (اعجب العجب أن تعرف الله ثم لا تجيبه، وأن تسمع داعيه ثم تتأخر عن الإجابة .. وأن تتذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لا تطلب الأنس بطاعته). أيتها النفس الغافلة كم عُرضت عليك التوبة فلم تتوبي ، بل انغمستِ في شهوات الدنيا وملذاتها قادكِ هواك إلى المعاصي والذنوب .. ألم تتفكري يوماً لماذا خلقتِ ؟ وما مآلكِ ومصيركِ ؟ إنك خلقت لأمر عظيم وخطب جسيم الا وهوعبادة الله وحده دون سواه. أيتها النفس اعلمي أن مآلكِ إلى تلك الحفرة المظلمة الموحشة ، فغداً تجلسين وحدكِ لا جليس ولا أنيس إلا عملكِ ، تذكري الموت وسكرته والقبر وضمته والميزان ورقته والصراط وزلته والنار وعذابها والجنة ونعيمها، تذكري يوم القيامة والحسرة والندامة ،، فأي حال يكون حالكِ ؟ وأي مقال يكون مقالك في تلك اللحظات الرهيبة .. موقف الذل والخزي .. يامن عصيت الله ليلاً ونهاراً سراً و جهاراً .. فقولي بربك كيف تلقين الله غداً ؟ حين يسألك عن مالكِ الذي اضعتيه .. عمرك الذي أسرفت فيه وشبابك الذي عصيت الله فيه. أيتها النفس .. ألا تحاسبين نفسك على أعمالك وذنوبك . هلاّ تبتِ إلى الله وعدت إليه فهل عزمتِ على عمل الطاعات وترك المنكرات. وجهزتِ للسؤال جواباً ؟!