لاأحد يستطيع أن يرمي جامعة عدن بأي قصور واضح في أداء أعمالها كونها من الجامعات اليمنية العريقة ،لكن مايطفو على السطح ويعد في حد ذاته مشكلة لايمكن تجاوزها والتغاضي عنها هو مسألة المنتدبين والمتعاقدين الذين عصروا أعمارهم وجهودهم سنواتاً طويلة دون أن يحصلوا على حق التثبيت في الجامعة الذي هم أجدر به من غيرهم،كما أن نظام الساعات يعد مجحفاً ولايمكن أن يتناسب أبداً مع العطاء المنقطع النظير الذي يبذلونه ،مع العلم أن هناك الكثير من الخريجين قد حصلوا على التعزيز المالي والإداري فور تخرجهم...حول هذا الموضوع الهام أجرت طباشير التحقيق التالي. امتياز يتيم الاستاذ أحمد صالح عبدالحق معيد في كلية النفط والمعادن تحدث قائلاً: عملية الانتداب من المفروض أن لاتستمر فترة طويلة ، وفي جامعة عدن أضحى لديهم نظام التعاقد ،وأختفى نظام التعيين وهذا بدوره آخر اجراءات التعيين بشكل رسمي ،ومن المحتمل أن يعملوا عملية خفض و إضافة ،فالموظفون مثلاً في مكاتب معينة كمكتب التربية أو النفط أو غيره يتم نقلهم إلى نقلهم إلى الجامعة عن طريق عملية الخفض والإضافة ،أما مسألة الانتظار كل عام لدرجة أو درجتين وظيفيتين فإنها لاتتم إلا وفق قرار من الجامعة وأضاف في سياق حديثة بالقول: من الآن فصاعداً ليس هناك ثمة تعيين للمدرسين المعيدين،والتعاقد حسب قرار وزير التعليم العالي،وهناك ضمانات للمتعاقد على أساس تطويره بحيث يواصل الماجستير والدكتوراه على حساب الجامعة ،وهذا يعد بحد ذاته امتيازاً يتيماً، مع العلم أن المتعاقد رسمي يتقاضى حوالي ثلاثين ألف ريال ،وهو على عكس المتعاقد بنظام الساعات الذي لايكاد يصل راتبه إلى ألفي ريال شهرياً،ومازال هذا النظام الأخير متبعاً في كلية النفط والمعادن..ولكن من العام 2007 و2008م فإنه قد بدأ التعاقد الرسمي مع الجامعة وهناك الكثير من الطلاب الذين يطمحون من خلال تعاقدهم لدراسة الماجستير والدكتوراه برسوم منخفضة نظام عفا عليه الزمن وفي كلية التربية بمحافظة شبوة التقيت بالاستاذ عبدالله سيف عبدالله سيف مدرس اللغة الإنجليزية بالكلية وعلى ملامحه يتثاءب اليأس فتحدث قائلاً بعد أن أطلق زفرةً ملتهبة: أنا استاذ في اللغة الانجليزية بماجستير من روسيا الاتحادية في العلوم التربوية،ومحاضر للغتين الإنجليزية والروسية،وقد ألتحقت بالتدريس في هذه الكلية عام 1998م ،مع العلم أني في البدء توظفت في التربية والتعليم ،وواصلت عملي في ثانوية نصاب ،ثم تم انتدابي للعمل في الكلية،فكنت أواصل عملين في آن واحد حيث كنت أدرس في كلية التربية وفي الثانوية، وقد بقيت منتدباً حتى العام 2002م ،فتم تعييني إدارياً من قبل رئيس جامعة عدن آنذاك الأستاذ الدكتور صالح باصرة وإلى الآن لم يتم نزول التعزيز المالي ،مع أنه تحسب حقوقنا كالمعينين مالياً وإدارياً مع العلم أن شهادة الماجستير التي حصلت عليها احتسبت بكالوريوس . واستطرد الاستاذ عبدالله في سياق حديثه متأوهاً: لاتوجد هناك أي امتيازات رغم السنوات الطويلة التي قضيتها في سلك التدريس الجامعي ،وإلى الآن فإنني أتقاضى مرتبي من التربية والتعليم ،أما من الكلية فلا اتقاضى شيئاً ،وإنما بدل الساعات ،وبدل الساعات هذه لاتساوي خطوة واحدة من الخطوات الطويلة التي أقطعها كل يوم ،حيث تحسب مائة وخمس وسبعون ريالاً للساعة،و،يخصم منها ضريبة بمقدار 15%،ولاتبقى سوى «150» ريالاً فقط لاغير للساعة الواحدة ،فمثلاً إذا كنت تدرس مساق واحد وفي الأسبوع ثلاث ساعات فإنك سوف تحصل على أربعمائة وخمسين ريالاً ،وهذه الفلوس القليلة لاتفِ بالطريق الوعرة التي أقطعها وتكلفني كل يوم ألف ريال على الأقل ،علاوة على المواصلات الصغيرة التي تتوزع على متاهات وأزقة المدينة ،وغالباً لايحصل المدرس على هذه الأربعمائة والخمسين ،فتمر سنوات وأشهر لانتقاضى خلالها مليماً واحداً،مع العلم أن نظام الساعات التي تتخذه جامعة عدن منهجاً لها هو في الحقيقة نظام قد عفا عليه الزمن ،ومع الأسف فإن الجامعة لازالت متمسكة به سواءً للمنتدب أو المتعاقد،مع أنني أجزم إن الجامعات اليمنية الأخرى قد تخطت هذا الموضوع منذ زمن والساعة تحسب للمعيد بأكثر من خمسمائة ريال. وساطة تتعدى القانون ويضيف الاستاذعبدالله سيف سرد مأساته بالقول: هناك دفعات أخرى أتت بعدنا بوقتٍ طويل وتم توظيفهم مالياً وإدارياً،مع أني ومجموعة من الزملاء معينين لأكثر من ست سنوات إدارياً ولم نتقدم في خطواتنا نحو الاعتماد المالي بشيء ،ولو فرضنا أنه تم تعييننا مالياً فسوف يكونون أقدم منا رغم تخرجهم الحديث،وهناك وساطات لأنه لايوجد أي مرفق أو إدارة خال من الوساطة ،فالأفضلية مع الأسف أضحت منعدمة ولاتنفع إذا لم تدفع بالوساطة ،لكن هذا لايمنعنا من التفاؤل في الله أولاً ،ثم في جهود أصحاب العلاقة الدين يسعون لحل مشكلاتنا العويصة،وهناك توجيهات من مجلس الوزراء لم تنفذ إلى الآن ،ونحن على مدى كل ستة أشهر يتجدد تفاؤل جديد ،حيث يقولون بأنه بعد ستة أشهر سيتم حل القضية،ثم يقولون بعد أربعة أشهر إلى أن ينصرم العام ،ويأتي عام آخر ،نحن ما نزال نطارد حظوظنا الهاربة،ومازالت إلى الآن هناك توجيهات خاصة بموضوعنا من الدكتور علي مجور رئيس مجلس الوزراء على أن يتم حل القضية في العام 2008م فبعث فينا بصيص أمل جديد يكاد أن يخبو كسابقيه. وأختتم حديثه قائلاً وقد أوشك أن يجف ريقه:نحن نعمل هنا كمنتدبين ومعينين إداريين أكثر من عشر سنوات ،وهناك أناس ذهبوا ودرسوا وتأهلوا لدرجة الدكتوراه ونحن هنا لاطلعنا ولانزلنا،وقد جاء إلى هذه الكلية اثنان معيدان من خريجي اللغة الانجليزية وإنني أدعو الجهات العليا المسئولة أن تقوم بحل مشاكلنا المعلقة حتى يسير العمل بالشكل المطلوب،وقاطعته بسؤالي:هل يعد نظام جامعة عدن نظاماً مجحفاً فأجاب: أنا لا أحمل جامعة عدن المسئولية عن ذلك،وإنما أحمل المسئولية الكاملة كما تابعنا ونتابع للمالية والخدمة المدنية،لأنك إذا كنت موظفاً في مرفق فسوف تنتقل إلى المرفق الآخر بسهولة وبإحتساب سنوات الخدمة المقضاة، ولكن في الوقت الحاضر ينتقل الشخص من مرفق إلى مرفق آخر كجامعة عدن وقد تخلى عن خدمته ،ويعتبر موظفاً جديداً لدى جامعة عدن. خسارة مضاعفة في الطرف الآخر من كلية التربية التقيت باستاذ الجغرافيا فضل عبدالله حبتور وقد أنزوى في ركن خاص يفصد همومه ،فطرحت عليه الموضوع فتحدث قائلاً: أنا منتدب في هذه الكلية منذ العام 2000م وحتى اليوم في قسم الجغرافيا ومازلت أواصل تحضيري لرسالة الماجستير ،ومع الأسف الشديد هناك من توظفوا ولم يعرفوا باب كلية التربية بشبوة ،ولم يلمسوا الطباشير لحظة واحدة،والسبب أن لديهم معرفة مع المسئولين في السلطة،وليس هناك أي مقاييس على الإطلاق،ولو أنها كانت موجودة فإننا ملتزمون بها وسوف نحترمها بكل رضا واحترام وتقدير ،ولكننا مع الأسف قد عصرنا أرواحنا على مدى السنوات الماضية على أمل الالتحاق وإكمال الدراسة على حساب الجامعة لما هناك من مميزات يستحقها الطالب التابع للهيئة التعليمية منها تخفيض الرسوم وبدل السفر «في حالة المعيد فقط» أما المنتدب فكل شيء على حسابه ،حيث إنه في التعاقد الجديد توجد شروط منها أنه لايوجب الطالب المنتدب بالتوظيف في جامعة عدن،كما أن بدل الساعات حسب إمكانيات الجامعة، أي أنها مائة وخمسون ريال في الساعة ولاتسلم إلا حسب إمكانيات الجامعة. صفر اليدين ويضيف الاستاذ حبتور وجبال الهم مازالت تثقل كاهله: يجب أن يكون هناك إنصاف إلى حدٍ ما،وأن يتم إعطاء بعض الحقوق لكل الجهود والتي بذلت دون تجاوز خدمات قدامى المنتدبين،لحيث وإن مدة عشر سنوات أو ست تخول المدرس الحصول على التوظيف في الجامعة ،وهأنذا أدرس على حسابي الخاص،وفوق هذا نحن منتدبون ومطالبون في التربية والتعليم حتى أنهم اسقطوا مستحقاتنا من بدلات العمل،فخرجنا من كل شيء صفر اليدين،فأنا أخسر من راتبي الذي اتقاضاه من التربية عشرة آلاف ريال بسبب أنهم لم يضموني إلى طبيعة العمل،وعشرة آلاف أخرى أو أكثر في مصروفاتي الشخصية المتعلقة بالكلية ،وإني أتمنى أن يتم تذليل الصعوبات للمنتدبين وغير المنتدبين.