إن كوكب الأرض ومايتعرض له باستمرار من فعاليات الطبيعة المختلفة والتي تنتج من تفاعل وتكامل عدد من العوامل الخارجية «كالتجوية والتعرية والضغط والتغيرات المناخية من حرارة ورطوبة،وكذلك نشاطات بشرية كتكسير وتحطيم للصخور وشق للطرق وجرف التربة»، وعوامل داخلية «حركات تكتونية وتصرعات واندفاعات بركانية» كل تلك العوامل تتداخل وبشكل فعّال لإحداث كوارث طبيعية Natural hazards يصعب على الإنسان منع وقوعها، لأنها لاتقع ضمن الامكانات البشرية للتنبؤبها، ومن هذه النقطة ولكون الكوارث الطبيعية تهدد حياة الإنسان وممتلكاته وتؤدي إلى إعاقة عمليات التنمية لكثير من الأمم التي تتعرض لها باستمرار، لهذا كله كان لزاماً على العقل البشري البحث والدراسة، التحليل والتقييم لمثل هكذا كوارث ومعرفة أسباب نشوئها ومايصاحبها أو يعقبها من أضرار تدميرية، بحيث تؤدي نتائج الدراسة والتحليل إلى اتخاذ إجراءات ممكنة تساعد في التخفيف أو التقليل من المخاطر الناجمة عنها وامكانية تلافي أخطارها المستقبلية. إن لتعدد الأسباب والعوامل، تتعدد الكوارث الطبيعية الناجمة عنها ومنها الزلازل، البراكين، الفيضانات، الأعاصير والانهيارات الأرضية وغيرها الكثير. ولدراسة هذه الكوارث وتقييمها تتداخل وتتكامل علوم الجيولوجيا البيئية والهندسية والجيو فيزياء البيئية وعلم المخاطر في دراستها وتحليل أسباب حدوثها وتقييم قوتها التدميرية وبالتالي التوصل إلى وضع الحلول والخطط والأساليب للتقليل بأكبر احتمالية متاحة من الخسائر في الأرواح والممتلكات. وهنا لكون المحيط الجغرافي الذي نعيش فيه واقعاً تحت تهديد وترقب الزمن لحدوث انهيارات صخرية أو انزلاقات أرضية Landslides لكتل صخرية ضخمة تهدد العديد من ساكني سفوح ومنحدرات «جبال صبر، سامع، قدس ، وبني حماد» وغيرها من مناطق محافظة تعز التي شهدت ومازالت تشهد العديد من ظواهر الانزلاقات الأرضية للمدرجات الزراعية والمنحدرات الصخرية والتي كان آخرها من منطقة ماوية شرق تعز. المراحل ... والنشوء إن عملية الانزلاقات الصخرية landslides processes تشمل حدوثها المرور بثلاث مراحل رئيسة منها: مرحل التهيؤ والتي تعتبر مرحلة ماقبل حدوث الكارثة وتسمى Pre - Catastropghic stageحيث خلالها تلعب العوامل المسببة للانزلاق على المدى البعيد دوراً مهماً في تكوين الشقوق الصغيرة وبالتالي انتاج نقاط ضعف للتركيب الصخري للكتل الصخرية بمساعدة ظروف التغيرات المناخية كالحرارة، الرطوبة، والأمطار، وتُضْعَفْ قوى التماسك بين جزيئات الصخر، وبتوسع الشقوق الصغيرة إلى شقوق كبيرة،وبوجود مسامية وقدرة الصخر على انفاذ المياه خلاله يؤدي إلى تكوَّن مجموعة من عوامل إضعاف البنية الداخلية للصخر، ثم يبقى عامل الزمن كفيلاً بإحداث وانتاج عامل محفز لاسقاطها كعملية شق الطرق أو إزالة الطبقات الصخرية الهشة الأسفل منها، أو حدوث حركة أرضية سريعة ومفاجئة كهزة أرضية زلزالية تؤدي بذلك إلى تجاوز الصخور المعلقة للزاوية الحرجة لاستقرارها فتنفصل الكتل الصخرية المتشققة أصلاً. مرحلة انطلاق الكتل الصخرية وتسمى بمرحلة حدوث الكارثة Catastrphic stageمن جراء اندفاع الكتل الصخرية التي تجاوزت نقطة الميل الحرج Critical Slope حيث تتحول الطاقة الكامنة فيها إلى طاقة حركية مندفعة بفعل ثقلها وتزايد قوى الجاذبية للأسفل، فتولد هذه الطاقة جزء منها موجات زلزالية سطحية وجزء آخر يرتد مكوناً موجات صوتية في الأجواء المحيطة. مرحلة مابعد الانهيار الصخري post - catastrophicstageوالتي فيها يتم رصد أثار الدمار اللاحق لعملية الانهيار حيث تكون عملية إنقاذ المواطنين وانتشال المصابين من بين الركام الذي خَلَّفَهْ الانهيار الصخري هي أولى المهام المناطة بأبناء المناطق المجاورة وبالجهات الرسمية، ثم رصد الخسائر البشرية والمادية،وتقييم التشوهات deformations الذي يحدث للصخور بفعل قوة ارتطام الكتل المنهارة. وبالتالي تحديد مدى استقرارية الصخور في تلك المناطق حيث يقاس مقدار استقرار الصخور على مقدار التشققات التي فيها، ومن نواتج الانهيارات كذلك تراكم العديد من الكتل الصخرية الصغيرة وقد يؤدي ضغط الكتل المنهارة على التربة والاطيان إلى حدوث انجراف للتربة من السفوح الجبلية باتجاه الوديان وفي حالة وجود مياه على سفوح الانزلاق قد يرافقها تدفق الاطيان Mud flows،حيث تشبع التربة بالمياه تسهل احتكاك الاسطح الداخلية ثم تحرك الصخور والحطام والاطيان والتي تفيض على المزارع فتهلكها والمباني فتدمرها. الجيولوجيا البيئية هو العلم الذي يعالج كافة جوانب علم الأرض التي لها تماس وعلاقة مباشرة بحياة الإنسان وبيئته حيث تشمل دراسة استقرار التربة وتحديد المواقع الهندسية والبحث عن مصادر المياه وتلوثها وتعنى عموماً بالمخاطر الجيولوجية geological hazard ولغرض الحماية والتقليل من مخاطر الانهيارات الأرضية تتداخل الجيولوجيا البيئية والهندسية وجيولوجيا المواقع الحضرية في دراسة التربة هندسياً وتحديد مدى صلاحيتها للأعمال الهندسية والانشائية أو الزراعية وبالتالي تلعب هذه العلوم دوراً مهماً في إعداد الخرائط والخطط التي تساعد في اتخاذ إجراءات وقرارات تخفف من أضرار الانهيارات وتحد منها وذلك من خلال القيام بدراسات تسبق عمليات البناء في المناطق التي تم تصنيف وتوصيف مواقعها على تلك الخرائط الموضوعة سلفاً بأنها مناطق معرضه لمخاطر الانهيارات الصخرية وزحف التربة أو هبوط التربة وعدم استقرارها والتي تؤدي إلى نشوء مشاكل هندسية في المباني بعد إنشائها مما يصاحبها خسارة اقتصادية وقد تكون خسارة بشرية. الإجراءات الاحتياطية للبناء ألا يكون موقع البناء أسفل كتل صخرية مشققة أو معلقة قد تنطلق بأي لحظة ولأي سبب،كتلك الكتل الصخرية المعلقة بمحاذات منحدرات جبل صبر. الابتعاد بمواقع البناء عن الحواف الخارجية للجروف Cliffs في الهضاب المرتفعة. عدم إنشاء المباني على مواد ركام السفوح Tulus المفككة أو على طبقات طفلية أو طينية قابلة للانتفاخ والزحف أو الهبوط. أن تكون أساسات البناء على طبقات صخرية قوية Bedrockكل تلك الإجراءات تتخذ قبل عمليات البناء، أما إذا كانت المناطق المهددة بالانهيارات الأرضية قد تم بناء المساكن أسفل منها ففي هذه الحالة تكون عمليات المعالجة ذات صعوبة عالية سواءً من ناحية التكلفة الاقتصادية المطلوبة في عمليات تثبيت التربة أو بناء حواجز ساندة أو تفكيك الكتل المعلقة ومايصاحبها من مخاطر أو من ناحية عدم الجدوى والفائدة من المعالجة اللاحقة لكونها لا توفر الاستقرار النفسي الآمن حيث يبقى احتمال الانهيار قائماً لأن مثل تلك المعالجات لاتنهي المشكلة إنما تؤجل زمن حدوثها.معيد جيو فيزياء جامعة تعز