في القرن ال16 المخا.. مدينة يمنية ومرسى تجاري هام في البحر الأحمر ذاع صيتها في القرن ال16 الميلادي من رشفة فنجان قهوة استضاف به الولي الصالح علي بن عمر الشاذلي أحد الملاحين الأوروبيين الذي انجر صدفة في عرض البحر إلى بر المخا في حالة إسعافية عسى أن يجد في هذا البر طبيباً يقوم بمعالجته.. فلم يجد قبطان السفينة الذي قام بإسعافه سوى عشة الشاذلي الذي بادر بتقديم فنجان تلو فنجان قهوة لمريضهم حتى فاق وانتعش واسترد عافيته وكأن القدر كان حليف المدينة من حدوث هذه الواقعة نحو الشهرة ورواج تجارة قهوة مخا عالمياً.. لتعرف فيما بعد بمدينة عامرة كأهم ميناء تجاري في بحر القلزم.. امتدت وتوسعت بكرامة «الشاذلي» كمهبط استضافة عالمية ومحطة تجارية هي الأولى لتصدير البن «مخا كوفي». ثقافة القهوة - هذه الواقعة التي يرويها الكثير من الاخباريين والمؤرخين العرب والعجم في العديد من الترجمات لبداية انتشار في عواصم الامبراطوريات الاستعمارية ثقافة القهوة حيث تصدرت القهوة في المدن الاوروبية مجاميع الناس الخاصة والعامة بعد أن كانت احتكرت تذوقها فئات النبلاء وعرفت لديهم ب«كوفي مخا» لتصبح في مذاقها الرفيع طلباً أول عن بقية المشروبات الحامية أو الباردة أو المصقعة لتتصدر في رواجها وطلب الأوروبيين لها تجارة رابحة باعتبار محصول البن مورداً اقتصادياً هاماً يطمح في احتكاره وإعادة تسويقه معظم الدول الاستعمارية أو معظم الامبراطوريات الاستعمارية التي زاد صراعها في ذلك الزمان على ثروات الشعوب العربية والأفريقية والمستضعفة في انحاء العالم، ومع هذا الرواج العالمي عرفت المخا لتصبح في التاريخ أول مدينة عربية تنتشر فيها مقرات التمثيل القنصلي ويتواجد فيها العديد من الوكالات التجارية الأوروبية مثل الوكالة التجارية الهولندية وغيرها من الوكالات الفرنسية والبرتغالية حتى وصلت مدينة المخا إلى ذلك المحك بين الدول الاستعمارية لتنال بين الحين والآخر الضربات القاسية تارة بالغزو وتارة بضرب المدافع والغارات الحربية. استلهام لعلاقات متميزة فالمخا في التاريخ الجديد أيضاً تؤرخ جزءاً كبيراً من تاريخ العلاقات الدولية ولحقبة زمنية هامة تنامت فيها الدبلوماسية اليمنية إلى مستوى التمثيل وكانت المخا من حيث موقعها كميناء تجاري هام يتم فيها التوقيع على الاتفاقيات والمعاهدات التجارية اليمنية.. الأوروبية والتي من بعدها تنامت فيها العلاقات اليمنية مع الدول الصديقة بافق واسعة وتطور متسارع لتمتد بتاريخ عريق من الثقة والاحترام المتبادل إلى مايعزز التعاون المشترك في المصالح.. إلخ. روحانية مباركة - المخا مازالت حتى الساعة بتلك النكهة الروحانية المباركة التي تلازمها منذ زمن بركات الشيخ الشاذلي ومازالت حتى اليوم تفسح لنا مجالاً واسعاً للتعرف على تاريخها وعلى ماتحتفظ به من اسرار التمدن للبحث عن المجهول والحاضر معاً وإن كانت في هذا الحال المتهالك الذي مغمور فيه كل شيء بين أعماق الرمال.. إلا أن هناك بوحاً من التأمل وهناك أيضاً بوح من الاستلهام يمنحنا من وقت لآخر قراءة صور حية ومشاهد عظيمة عن هذ المدينة الروحانية التي اكتسبت في هذا التاريخ الحافل موروثاً متنوعاً مازال يستفيد منه الدارسون والباحثون والمؤرخون الأوروبيون ورغم قربنا منه إلا أننا غير قادرين على الاهتمام والاستفادة منه وتوثيقه كتاريخ للأجيال ليتعرفوا على مكانتها التاريخية إبان القرنين ال51 وال61 الميلادي الذي لاندري متى سيستفاد منه، فإهمالنا جعلها أكثر إصراراً على الغوص بين الرمال دون الالتفات لمن حولها وخصوصاً أن هذا الاصرار بدأ يتدرج ابتداءً من تهالك فنارها الذي كان أشبه بتشكيله وتصميمه ببرج ايفل وكان تذكاراً ومعلماً هاماً للمدينة فأصبح أثراً بعد عين وكذا غيره من المعالم التي اندثرت، ومنها وأهمها جسر المدينة الذي كان يمتد بين ضفة بحرية هي أشبه بخور بحري طبيعي دون أن يلتفت إليه أحد بعد أن أصبحت مدينة المخا في موقع الاندثار لا أحد يفكر أن يتذوق فيها حتى لمرة واحدة قهوتها بتلك النكهة الشاذلية.