يرى علماء النفس أن مرحلة الشباب تعد المرحلة الفائضة بالأزمات النفسية الطويلة وفترة الصراعات النفسية الشديدة كونها واقعة ما بين المؤثرات والاستجابات. وهذه المرحلة العمرية يطلقون عليها "سن المراهقة" التي تتسم بالقلق والحيرة والاكتئاب والانفعالات وما إلى ذلك في القاموس النفسي ... وعلماء التربية " يعتقدون أن الأزمة " هي أزمة بناء وتنمية ،وأن المسؤولية تقع على عاتق المؤسسات التربوية بالدرجة الأولى . وعلماء الاجتماع " ينظرون إلى الشباب من زاوية أخرى ويرون أنهم يعيشون أزمة في " التوافق " والتعبير " والسلوك ".. إذاً هل الشباب أزمة فعلاً ؟! لا اعتقد ذلك مطلقاً، وإذا قررنا أن هناك مشكلة وأزمة فهي ليست في الشباب أنفسهم . فهؤلاء ال" أرق أفئدة " مرهفي الحس ، طيبي القلب ، حسيني النوايا ، مستعدين دائماً للتفاهم والتعاطف مع العالم من حولهم ، إذاً الشباب ليسوا في مشكلة ، إنما سوء الفهم والتعامل من الكبار هي المشكلة الحقيقية . فالشباب ليسوا متمردين في ذاتهم ، ولا قلقين في طبيعتهم ، ولا عنفاء في تعاملاتهم إن البيئة والمحيط سواء كان بيتاً أو مدرسة أو شارعاً أو مؤسسة قد لا يحسنوا التعامل معهم فيعمدون إلى العنف ويخطئون التعامل معهم ، وإذا كان القياس في هذه النظرة من المتعاملين مع الشباب فلا ننتظر منهم غير زيادة الضغوطات وتكريس الممنوعات ، وإشهار سيف المحرمات التي ما انزل الله بها من سلطان ولكي نلفت نظر الآباء والمدرسين والمربين والمصلحين ،ندعوهم إلى قراءة الزوايا التي تنتشر في الصحف والمجلات تحت عنوان " أريد حلا " أو ما شابه هذه الصفحات لتتأكدوا أن المشكلة الكبرى هي في إساءة الفهم وسوء المعاملة . وفي مثل هذه الحالات، ما الذي يحدث ؟ يلجأ الشاب إلى الأصدقاء أي الأقران وهنا يلتقي الشباب بالتجربة الناقصة ، وبالحل الخيالي المأخوذ من فيلم أو رواية " للأسف " أو من حل مشكلة مماثلة مطروحة في المجلات التي يتعامل معها الشباب أو ينكفي الشاب في غرفته وحيداً احتجاجاً على الجو الذي أساء فهمه ومعاملته . أما كان من الأفضل والأصلح أن نفتح لهم صدورنا وقلوبنا وعقولنا لنقول لهم نحن نحبكم كل الحب ، نحرص على مصلحتكم .... لا نريد أن تعيشوا مرارة الخطأ. مارسوا حياتكم على ضوء زمانكم، ومن لم يعرف معالم الطريق الذي يسير فيه فليسأل كي لا يضيع الطريق. نحن لا نريد أن نملي أو نفرض عليكم أفكارنا، لكن تدبروا نصائحنا وإرشاداتنا المهمة لكم، نحن اقرب إليكم من كل من يحيطون بكم، سعادتكم.. سعادتنا، وشقاؤكم.. شقاؤنا. دعونا نتعامل كأصدقاء... إذا وجد ذلك الأسلوب فإننا نكون قد عملنا بوصية الرسول الكريم وادينا الأمانة في شبابنا، وبنينا جيلاً قادراً على مجابهة الغد بكل مدركاته.