يحصل محمد سليمان 12 عاماً على 1000 ريال صافي ربح يومي من جولة كنتاكي تقاطع شارع الزبيري والدائري بأمانة العاصمة ،ويقول الطفل الأسمر ذو القامة النحيلة التي تنم عن سوء تغذية إن فترة عمله يومياً تبدأ من ال10 حتى ال 4 عصراً وأعلى نسبة مبيعات يحققها وقت الظهيرة ويبيع محمد سلمان قنينات ماء معدني على ركاب وسائقي الباصات والمركبات أثناء توقفها في الجولات دقائق .. {.. وإذ لا يخفي كراهيته الشديدة لإشارة المرور الخضراء التي قد توقعه في ملاحقات ثمن القنينات المباعة أثناء إشارتها، و يتمني أن يطول موسم الصيف أقصى فترة ممكنة، فهو يكره أكثر المدينة ويمكنه والده مكافأة يومية لا تزيد عن 200 ريال يقول إنه يدخرها. ويزدهر في أمانة العاصمة موسم بيع الماء في الجولات الذي لا يقتصر على أطفال فسالم الوصابي 32 عاماً، يؤكد حصوله على ربح لا بأس به أثناء هذا الموسم وهو يعزو ذلك إلى موجة العطش التي تنتاب العابرين جراء ارتفاع الحرارة في صيف صنعاء بشكل يقول إنه غير مسبوق. وتنتشر صيفاً في الشوارع العاصمة لوحات بيضاء وأخرى لسيارات مغتربين وزائرين يفضلون قضاء الصيف في صنعاء.. ويعتبر سعيد يحيى وهو مغترب يمني في السعودية يفضل سنوياً قضاء إجازة الصيف في صنعاء، كون الجو معتدلاً لكن أبناءه –يقول سعيد – يشكون من حرارة الجو ويصرون عليه شراء مكيف، وأحال ارتفاع درجة الحرارة بشكل لافت هذا الصيف الصنعاني كل المدفئات والسخانات الكهربائية جانباً. وفي المقابل يصف محمد العواضي صاحب محل الكترونيات وأجهزة كهربائية في شارع تعز إقبال سكان صنعاء على شراء المراوح المعلقة والمتحركة بالكبير مقارنة بالسنوات السابقة الأمر الذي جعله يفكر حالياً باستيراد مكيفات الكترونية بعد أن أحس بتزايد الطلب لها في صنعاء المعروفة بالبرد القارس طوال العام عدا الصيف . احمد الفقيه وهو موجه تربوي مقيم فى صنعاء منذ 25 عاماً يفسر الحرارة العالية بكونها نتاجاً طبيعياً للكثافة السكانية والازدحام العمراني وهو يفضل هذه الأيام النوم على السطوح وأحيانا فى بلكونة منزله ، ويقول الفقيه إن الطابق الأول من منزله اقل حرارة فالشمس لا تسطع إلا على السطوح وتظل تأثيراتها الحرارية ضاربة فى المكان طوال الليل . وبالنسبة لعبدالحكيم المراني وهو طالب يتيم يسكن في دار الرعاية فهو يكره الصيف ليس لحرارته بل لانتشار البعوض الذي يتكاثر في بيئته السكنية المحفوفة بأشجار ومجار. وإذ ترتفع حالات الإصابة بالملاريا في قرى الريف اليمني بمعدلات مرعبة تقول نجوى المقطري وهي تعمل في عيادة خاصة في منطقة الصافية إن أكثر من يرتادون عيادتها خلال هذه الأيام هم من المصابين بالملاريا وخاصة الأطفال . وفي ذات السياق انتشرت ظاهرة الحلاقة الصفر أو ما يعرف ب ( الصلع ) إذ يفضل وبخاصة الشباب إزالة شعر الرأس نهائياً هذا الموسم وتقريباً بشكل سنوي.. ويبدي صقر الهجام ارتياحاً كبيراً من حجم الإقبال على صالونه، ويقول صقر إن هذا النوع من الحلاقة يمكنه من وضع ماكينته الكهربائية على رؤوس أكثر . مراد الصهيبى “ 16 عاماً لا يجد تفسيراً واضحاً لصلعة رأسه الذي حلقه قبل أسبوع:” فعلت ذلك لأن اصدقائي حلقوا صلعة وتشجعت :” ولوحظ هذا الصيف اقتناء كثير من المنازل الصنعانية أجهزة التبريد والتكييف الهوائي لكنهم لا يخفون أسفهم من انطفاءات متكررة للكهرباء. ويتذكر العم حسن حارس مؤسسة تعليمية مثلاً شعبياً لطيفاً فى معرض استفسارنا عن انطباعات حول الجو هذا الصيف وبنبرات شائخة اخذ يكرر عبارة المثل القائل “برد صنعاء ولا حر الحديدة“. واضعاً توقعاً قصيراً في أن عوامل زمنية قد تؤتي على مصداقية هذا المثل يقول العم حسن انه كثيراً ما يسمع من إذاعة لندن التي لا تكاد تفارق الراديو العتيق الجالس إلى جانبه عن “الاحتباس الحراري“ وثقب الأوزون لكنه لا يدري ما هما ويفضل صنعاء صيفاً إذ تمنحه حبات عرق من مساماته التي يقول إن البرد يغلقها ويفاقم لديه الروماتيزم والشيخوخة.