كتبت -منى خالد الشوافيأليست الصداقة حكاية اختيار تنعشها الجاذبية المتبادلة بين الأصدقاء ،وهي أحد أسباب سعادة الإنسان خلال حياته ولا يستغني عنها؛ لأنه مدني بطبعه ؟ ولكي تستمر تحتاج إلى الالتزام بالأخلاق والقيم النبيلة. لكن رغم الانفتاح الذي نشهده والتغيرات والنتائج الإيجابية للتقدم العلمي والفكري التي يعيشها مجتمعنا إلا أن هناك شريحة واسعة من شباب اليوم لم تلفحها رياح التغيير وبقيت منغلقة على مفاهيم قديمة لعل أبرزها مفهوم الصداقة بين الجنسين (الشباب والفتيات)،والتي ما زالت تتأرجح بين معارض يرى أن هذه الصداقة ليست إلا واحدة من ثقافات غربية دخيلة على مجتمعنا .. وبين مؤيد يرى فيها انعكاساً لمجتمع حضاري يؤيد التغيير ويرفض البقاء والمراوحة في المكان. صداقة الجامعة وفي مجتمع كمجتمعنا اليمني تظل مثل هذه الصداقات رهن الاعتقال..والتخفي القسري..وراء الأسوار..وخلف الأعمدة الأسمنتية،خوفاً من أعين المارة..والقادمين من الخلف!.. الجامعة التي تتميز بالاختلاط تظل العلاقات فيها،أو الصداقات ما بين الجنسين مختفية تماماً،وحين تتواجد تكون بشكل ضئيل،وخافت للغاية! ولعل السؤال الأبرز : إلى أين وصل تفكير الشباب العربي اليوم فيما يتعلق بقضايا مطروحة تخصهم ومنها الصداقة ؟ وهل تغيرت آلية تفكيرهم بما ينسجم مع ذلك الانفتاح والتقدم الذي تحدثنا عنه ؟ أم ما زال تفكيرهم قابعاً في زوايا الأعراف والتقاليد ... وهذه بعض الآراء حول هذا الموضوع : حين تقوم على الإحترام - الصداقة بين الجنسين شيء جميل جداً وحضاري إلى أبعد الحدود ومن غير الصحيح تطبيق ذلك المثل على صداقاتنا لأنها إن كانت مبنية على أسس صحيحة وأخلاقية من قبل الطرفين ستكون أقوى من هذا الشيطان حتى ولو تكرر الاجتماع يومياً ولأكثر من مناسبة لأن هذه اللقاءات والاجتماعات اليومية باعتقادي تقوي الصداقة وتعززها سواء كانت منفردة أم أمام الجميع لأنها في الأصل قائمة على احترام كل طرف للآخر. أحكام جائرة!! - هذا النوع من الصداقة وذلك عن تجربة حقيقية : لماذا ننظر إلى الصداقة القائمة بين شاب وفتاة على أنها شيء محرم وسلبي؟ ولتصبح إن حدثت مادة دسمة للقيل والقال لتكتمل القصة في النهاية بإطلاق أحكام جائرة وبدون مبررات عليها والتي تطول غالباً سمعة الفتاة؟ وأنا لا أدافع عن هذا النوع من الصداقة لمجرد الكلام فقط بل عن تجربة حية عشتها منذ سبع سنوات عندما تعرفت على شاب اعتبره إلى الآن الصديق الوفي الذي ألجأ إليه دائماً في السراء والضراء. لماذا كل هذا السخف والتعنت ضد هذا النوع من الصداقات؟.. لماذا نحسم الأمور باتجاه سلبي دائماً دون النظر إلى الجانب الإيجابي والبري؟ .. ألم يحن الوقت بعد حتى نتصرف بتحضر أكثر؟ - من الطبيعي جداً ونحن ما زلنا نفكر بطريقة بدائية تفتقر للوعي والثقافة أن نحكم على أبسط الأمور بأحكام جائرة، فهل يعقل أن نحكم على علاقة صداقة بريئة بين شاب وفتاة بأنها من المحرمات وتستحق العقاب ما هذا التخلف؟! ولماذا يجب علينا أن نرضي أذواق بعض معقدي النفوس الذين يروجون لعادات وأعراف لا تناسب حياتنا؟ الصداقة علاقة اجتماعية وأمام هذه الآراء المحتملة لمثل هذا النوع من الصداقات ما هو رأي علم الاجتماع ؟ تؤكد إحدى أساتذة علم الاجتماع “على أن الصداقة علاقة اجتماعية وثيقة تقوم على تماثل الاتجاهات بصفة خاصة وتحمل دلالات بالغة الأهمية والصداقة مثل كل شيء يجب أن تقوم على الخلق الإنساني النبيل بحيث يجب أن نرفض إطلاق كلمة صداقة إذا كانت تعني مجرد اتصال لتحقيق منافع لطرف دون الآخر وعلى الإنسان أن يختار أصدقاءه وفق معايير صحيحة قبل كل شيء إن كانت بين جنسين متماثلين أو مختلفين. وفي حالة الانفتاح التي وصل إليها مجتمعنا إثر الثورة الفكرية والنهضوية والتي طرحت مبادىء وأفكار أدت إلى تغيير حقيقي إيجابي بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى وانطلاقاً من مستوى الوعي والثقافة الذي وصلنا إليه يمكن القول : إن الصداقة بين الشباب والفتيات هي حالة باتت طبيعية جداً خاصة وأن الاختلاط بينهما بات واقعاً ملموساً في أوساط متعددة سواءً في الجامعة أو أماكن العمل. وإن الصداقة بين الجنسين تتخذ جانباً سلبياً عند الشباب من حيث العاطفة القوية التي تطغى على العقل فإذا ضعف العقل أمام العاطفة القوية كانت الأخطار جسيمة ولكن إن توافر الوعي والإرادة بين الشباب ستكون هذه الصداقة في مكانها..والجامعة بيئة مناسبة لوجود مثل هذه الصداقات. لذلك أؤكد أن واقع الخوف من المجهول وانعدام الثقة بالذات وبالطرف الآخر وغياب الوعي قد يكون السبب وراء عدم تقبل البعض فكرة الصداقة بين الجنسين. وكما لاحظنا تعددت وجهات النظر إزاء صداقة الجنسين ولكل حجته التي يراها صائبة في حكمه على هذه الصداقة ليطرح السؤال هنا مشاعاً للجميع : هل سيأتي اليوم الذي سنشهد فيه إجماعاً عاماً وحواراً مجتمعياً يضع النقاط على الحروف تجاه مجمل القضايا التي تهم هذه الشريحة الأكبر في المجتمع حتى لا تبقى هذه القضايا هاجساً يقض مضجعهم ويؤرق حياتهم ؟؟؟