يعتبر النيراستينيا نوعاً من أنواع العصاب ولكنه الأكثر شيوعاً ويندر أن يوجد راشد لايشكو عرضاً أو أكثر من عرض واحد من مجموعة الأعراض النيراستينية ولذا نحن حاولنا أن نحدد بعداً لكل من أنواع العصاب المختلفة يبين مدى بعد كل نوع بعينه من أنواع العصاب عن حدود السوية النفسية. وألفينا النيراستينيا هو أول عصاب يلي حدود السوية مباشرة أي أنها العصاب الأقل بعداً عن حدود السوية السلوكية والانفعالية من أي عصاب آخر ولذا فهي تشمل جموعاً من البشر لاحصر لهم.. وأن أبرز عرض من مجموعة الاعراض النيراستينية هو العرض الذي اشتق منها اسم هذا النوع من العصاب، عرض الشعور بالإعياء فكلمة «نيراستينيا» هي كلمة ترجمتها الحرفية «هبوط الطاقة العصبية» أو الاعياء العصبي، وهو في جوهره أعياء انفعالي. ويختلف إعياء النيراستيني عن إعياء الشخص العادي المعافى بما يتميز به الأول من شكوى بالإعياء ليس لها مبررها الواقعي الطبيعي بالأضافة إلى أن النيراستيني يشعر بالتعب والاعياء في الصباح أكثر منه في المساء وعقب صحوه من النوم أكثر منه بعد ممارسة عمله وهذا وضع عصاب آخر ولذا فهو يشمل جموعاً من البشر لاحصر لهم ويقسم الشخصية النيراستينية بعدد من الصفات أهمها أنها شخصية مفرطة في التعاطف والتودد وسريعة التأثر والإذعان لمحن الغير ومتاعبهم وسريع التعلق بمن يبدي له أقل بادرة من بوادر المحبة وبمن يظهر له أي اعجاب به وافتقارها إلى سمات إيجابية مناسبة يميز بها شخصيته وفرديته وعادةٍ ماتكون واسعة الخيال ومستغرقة في أحلام اليقظة والشعور بتعاسة تفوق الوصف ولايتصورها أحد غيره ولايجد لها أحد مبررات واقعية.. كما يتميز النيراستيني بشخصية انطوائية الطابع وسريعة وشديدة التأثر ورغم جديته المتطرفة في النظر إلى الامور إلا أنه لايخلو من روح الدعابة والفكاهة والمرح وغالباً ماتتخذ الشخصية النيراستينية ميكانزمات دفاعية مثل ميكانزم التعويض والخلفة والاستبطان، فهو يقوم بالتعويض فما ذلك إلا لمعادلة أو لمداراة شعور الدونية ولاكتساب تقدير المجتمع الذي فقده بسبب نواحي ضعفه وهو يؤتي بمكانزم الخلفة فما ذلك إلا لمعادلة نزعته الخضوعية والحد من قابليته للانصياع لنفوذ وسلطات الغير والامتثال لرغباتهم والسير في ركابهم وهو إذ يستيطن فإنا تلمساً لأسباب يعزو إليها اضطراباته. كذلك فإن الاكتئاب يظهر فيه شعور اليأس والأسى والعجز عن التركيز والأرق وفقدان الثقة ومن الحالات المرضية الشديدة فإن هذه الاستجابات تكون حادة ومستمرة.. وتظهر هذه الحالة نتيجة لفقدان عزيز على النفس كالزوج أو الابن أو فشل معين ومن الملاحظ أن العصابي المكتئب يتميز عن الذهاني المكتئب بأن الأول لاينفصل تماماً عن حياة الواقع بينما يفقدها الثاني..