يغتالني شبح الخوف والقلق عندما أقف على أي رصيف من أرصفة شوارع الرياض التي تكتظ بعالم لايحصى من مختلف الجنسيات العربية والأجنبية والتي تملأ تلك الشوارع ، وما يدهشني هو ما أراه على محيا تلك الوجوه وقد ارتسم عليها مزيج من البؤس تأخذني الشفقة والحيرة لما أراه بأم عيني من حضور غير مسبوق للجانب اليمني ومن فئة الشباب تحديداً والذي يمتاز بحضور دونما أي منافس وخاصة على مستوى الدول العربية ، إنهم يشكلون حضوراً لافتاً غير منقطع النظير ، اختال نفسي وكأني في أزقة شوارع الحالمة تعز أو في شوارع العاصمة اليمنيةصنعاء فلا فرق بين ذلك إلا سوى أوجود تلك الجنسيات والتي تجعلني أؤمن بأنني لم أزل خارج اليمن وذلك لما أراه من حضور ملفت إلى جانب اليمنيين من تلك الجنسيات من مصر وبنغلادش وأفغانستان وباكستان والهند ولو لم يكن لهذه الجنسات حظور إلى جانب اليمنيين لكنت قررت باني في إحدى محافظة من محافظات الجمهورية اليمنية ، حضوراً لافتاً بل ويزداد تكراراً يوماً بعد يوم ، إلى اجل غير مسمى ، لقد باتت رحلة الشباب اليمني إلي السعودية ما أشبه ب “موضة” كل من الشباب يريد أن يجد نفسه مضافا بين طابور طويل من الشباب وبين زحمة أولئك الذين يقبعون في الغربة سنة تلو الأخرى دونما أي فائدة ودونما جدوى سوى التفكير والحيرة والقلق والذي بات الكثير من الشباب تنتابه الحيرة والخوف عندما يجد نفسه بين أحظان الغربة دونما عمل يقضي نهاره بالبحث عن فرصة عمل وليله بالتفكير الذي هو خير جليس له في تلك الليلة التي يفتقد فيها البدر ، هكذا صار حال الشباب اليمني هو أن يجد نفسه في غبن الغربة ولتكن الغربة في السعودية هي أخر محطاته التي يحلم بها ، لأنها وإلى الآن لم تشهر بطاقة الطرد الحمراء في أوجوهنا بل إنها مكتفية بإشهار البطاقة الصفراء والتي تقع في محل شك لتجعلنا مخيرين بين البقاء أو المغادرة من ملعبها بأقرب وقت ، وبذلك يظل الأمل الذي يبحث عنه الشباب معلق مابين السماء والأرض حتى يرث الله الأرض ومن عليها. الغريب في الأمر هو أننا اليمنيون الوحيدون وبكل فخر ودون منافس عندما ننوي للرحيل إلى الغربة لا يكون هناك تخطيط مسبق أو تنسيق قبل شراء “الإقامة” من اجل أن يتمكن الشخص من الحصول على فرصة عمل مثله مثل بقية الجنسيات التي يتم استقدامهما من بلدانهم بشرط أن يأتي ويباشر عملة ساعة أوصوله ، لكن اليمنيين عكس ذلك يدفع اكبر مبلغ من اجل شراء “الإقامة” ولم يتحصل على فرصة عمل ، ومع ذلك لم يشترط في تلك الإقامة عمل مثله مثل غيره من الجنسيات المختلفة، فهذه طبعاً عادة باليمنيين ستظل تلاحقنا حتى قيام الساعة لاننا لا نختار الطريقة الصحيحة بل إننا تعودنا على العشوائية والمزاجية في حياتنا ونخرج من بيوتنا وعلى بابك يا كريم، يا سبحان الله قناعة تتولد فينا في تلك اللحظة غير مسبوقة بل نتحول إلى ملائكة ، صحيح إننا شعب غلبان وناقص توعية وشعب لم يتمكن من الاستفادة من تجارب الآخرين، فالعيب هو ليس أن نخطئ فالخطأ وارد لا محالة منه ومن خلال الخطأ يستفيد الإنسان أكثر لكننا وللأسف لا نستفيد إطلاقا، هكذا يبدو أننا اليمنيون أصل التجارب والبدع التي أرهقت كاهل المجتمع بأسره، نسأل الله السلامة.